طالب بن سيف الضباري
أمين سر جمعية الصحفيين العمانية
Dhabari88@hotmail.com
المكون الثقافي في أي بلد يمثل مرتكزا أساسيا لبناء الهوية الوطنية والإرث الذي يستمد منه القوة للعبور الى محطات ترتقي بفكر المجتمع ، وهي المنطلق نحو بناء شخصية قادرة على التفاعل الإيجابي مع كافة المتغيرات التي يشهدها العالم في مختلف المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها من المفردات التي تسهم في البناء ودفع عجلة الاقتصاد، ولعل الاستراتيجية الثقافية العمانية 2021 ــ 2040 الذي اعتمد خطتها التنفيذية مؤخرا صاحب السمو السيد ذي اليزن بن هيثم آل سعيد وزير الثقافة والرياضة والشباب، ينظر اليها على أنها ستمثل نقلة نوعية في خارطة العمل الثقافي والشبابي والرياضي وكذلك الاقتصادي، خاصة وأنها بنيت على تحقيق مجموعة من الأهداف تنسجم وتتناغم مع التوجه الذي بدأت تسير عليه رؤية عمان 2040 عبر منطلقاتها او مساراتها المتعددة وصولا الى ان تكون عمان من بين الدول المتقدمة ولا تقل مؤشراتها في معظم تلك المجالات عن الدول العشر الأوائل على المستوى العالمي.
الإستراتيجية التي ستعمل على تنفيذ أحد عشر مجالا طوال العشرين سنة القادمة تتمثل في الهوية والتراث الثقافي غير المادي، والمخطوطات، والمهرجانات والمعارض الثقافية، والمكتبات والمراكز الثقافية والأندية، والترجمة والنشر، والفنون البصرية، والتواصل الثقافي، والمبادرات الثقافية، والأدب، والفنون الأدائية، والفعاليات والمسابقات والجوائز الثقافية، لاشك تحتاج الى المزيد من العمل والجهد والاستفادة من كافة القدرات والكفاءات الوطنية، والتعاون من قبل الجميع، مؤسسات وأفرادا، فنجاحها بطبيعة الحال يعتمد على مدى وحجم المساهمة التي يجب أن تقدم، وأن يكون هناك كذلك دور أساسي وفاعل لمؤسسات المجتمع المدني من الجمعيات المهنية المعنية بالثقافة والفكر والابداع والاتحادات والأندية الرياضية، على اعتبار أن الجهة المعنية مهما كان لديها من امكانيات لا تستطيع وحدها تحقيق النتائج المرجوة وهذا الحجم من العمل الوطني بمحاوره السبعة ذات الأهداف القيمة ، والتي ستعمل على اثراء العمل الابداعي والتطوير الثقافي من خلال توظيف التقنية في الصناعة لبناء مكون اقتصادي ثقافي ودعم الاستثمار في هذا المجال، بالإضافة الى هوية ثقافية تصان من خلالها المعارف والتراث الثقافي غير المادي ويعزز بها التعاون الدولي، وتسهم من جانب آخر في التعريف بالهوية الثقافية العمانية داخليا وخارجيا كما أشارت اليها الاستراتيجية وستخدم لاشك المجال الاقتصادي على الأقل في شقه السياحي عبر الاستثمار في استضافة وتنظيم وإقامة المهرجانات والفعاليات والأنشطة الثقافية والرياضية والشبابية.
إننا بطبيعة الحال قبل أن نكون مثقفين وصحفيين وإعلاميين متابعون للشأن المحلي والتطورات التي شهدتها السلطنة عبر عقودها الخمسة الماضية في كافة المجالات ومن بينها المجال الثقافي، وكلنا أمل بأن الوزارة بقياداتها الشابة قادرة من خلال منظومة شراكة مجتمعية تستهدفها الاستراتيجية أن تجعل من عمان واجهة ثقافية وشبابية ورياضية عالمية ومحطة حاضنة وراعية للابداع الثقافي والفكري، ومن الوسائل التي سيكون لها أثرها الايجابي في تسويق عمان والوصول بها الى العالمية، من خلال الحرص على المشاركة والتواجد العماني في كافة الأنشطة والفعاليات الثقافية والرياضية والشبابية الدولية، فالعماني بفضل الله أينما تواجد يكون تواجده إضافة واثراء فكريا ومعرفيا، وسيكون لهذه الاستراتيجية دون أدنى شك أثرها في خدمة الاقتصاد الوطني.