استثمارات المنطقة الحرة بصلالة تتجاوز 5 مليارات ريال عماني وتواصل تعزيز جاذبيتها للمستثمرين الدوليين
صلالة –
ضمن فعاليات ملتقى الصحفيين بظفار الرابع، قام وفد من الصحفيين بزيارة ميدانية إلى المنطقة الحرة بصلالة. وقد كان في استقبال الوفد أحمد بن محمد قطن، مدير أول تطوير الأعمال بالمنطقة الحرة، حيث رحب بالحضور وقدم لهم عرضًا شاملًا عن تاريخ المنطقة الحرة، وحجم الاستثمارات القائمة، والامتيازات والتسهيلات التي تضعها عُمان بين يدي المستثمرين.
نمو استثماري متسارع
أكد قطن أن حجم الاستثمارات في المنطقة الحرة تجاوز خمسة مليارات ريال عماني، وهو إنجاز يعكس التطور المتسارع الذي شهدته المنطقة منذ تأسيسها، ويؤكد نجاحها في التحول إلى مركز اقتصادي حيوي في السلطنة والمنطقة. وأوضح أن هذه الاستثمارات الضخمة لم تأتِ بمحض الصدفة، وإنما نتيجة لتكامل عوامل الجذب، بدءًا من البنية الأساسية المتطورة وصولًا إلى الحوافز المشجعة والسياسات المرنة التي تتبناها السلطنة.
قطاعات صناعية متنوعة
وأشار قطن إلى أن طبيعة الاستثمارات القائمة تعكس تنوعًا واضحًا في القطاعات. ففي مجال البتروكيماويات، تحتضن المنطقة مصانع لإنتاج الميثانول والأمونيا والغاز النفطي المسال (LPG)، إلى جانب مشروع البولي إيثيلين تيرفثالات (PET) الذي يشكل مادة أساسية تدخل في صناعة البلاستيك والتعبئة والمشروبات الغازية والعديد من الاستخدامات الصناعية الأخرى. وأضاف أن قطاع الصناعات الغذائية يشهد نموًا مستمرًا، مدعومًا بالطلب الإقليمي والدولي، فضلًا عن مشاريع لوجستية متقدمة وقطاع دوائي يتوسع تدريجيًا بما يتماشى مع توجه السلطنة لدعم الصناعات المرتبطة بالصحة والأدوية.
بيئة أعمال مشجعة
ولفت مدير أول تطوير الأعمال إلى أن المنطقة الحرة في صلالة تقدم حزمة متكاملة من الحوافز الاستثمارية، أبرزها الإعفاءات الضريبية والجمركية التي قد تمتد حتى 30 عامًا، إضافة إلى منح المستثمرين حق التملك بنسبة 100%، وهو ما يضع عُمان في موقع متقدم مقارنة بعدد من الأسواق الإقليمية المنافسة. كما أن مرونة نسب التعمين تمثل نقطة قوة مهمة، إذ تبدأ بنسبة 20% فقط خلال السنوات الأولى، ما يمنح المستثمرين فسحة زمنية لبناء كوادرهم الوطنية وتدريبها على أسس مهنية قبل التوسع في نسب التعمين تدريجيًا.
وأكد قطن أن بعض الشركات العاملة في المنطقة تجاوزت النسب المطلوبة ووصلت إلى أكثر من 30%، مما يعكس جدية القطاع الخاص والتزامه بالمسؤولية الوطنية، وأيضًا وجود كفاءات عمانية مدربة قادرة على إدارة وتشغيل المشاريع بكفاءة.
الموقع الاستراتيجي
واعتبر قطن أن الموقع الجغرافي للمنطقة الحرة يعد من أهم مقومات النجاح، حيث تقع بالقرب من ميناء صلالة، أحد أكبر الموانئ في المنطقة وأكثرها نشاطًا. هذا الموقع يمنح الشركات مزايا لوجستية استثنائية، إذ يختصر المسافات ويخفض التكاليف، ويوفر خطوط شحن بحرية مباشرة تربط صلالة بموانئ رئيسية في آسيا وأوروبا وأفريقيا.
وأشار إلى أن ميناء صلالة يعد منصة أساسية للتجارة العالمية، حيث يتمتع بقدرة مناولة ملايين الحاويات سنويًا، ما يجعل الاستثمار في المنطقة الحرة أكثر جدوى للمستثمرين الراغبين في الوصول السريع والفعال إلى الأسواق العالمية.
اتفاقيات تجارة حرة
وأوضح قطن أن المنطقة الحرة تستفيد أيضًا من اتفاقيات التجارة الحرة الموقعة بين سلطنة عُمان وعدد من الدول، وهو ما يعزز من تنافسيتها عالميًا. فعلى سبيل المثال، الاتفاقية مع الولايات المتحدة الأمريكية تمثل رافعة كبيرة للاستثمار، حيث يمكن للمستثمرين تصدير منتجاتهم مباشرة إلى السوق الأمريكي خلال 17 إلى 19 يومًا فقط، مع إعفاء كامل من الرسوم الجمركية بفضل شهادة المنشأ العُمانية. وأضاف أن اتفاقيات أخرى مع سنغافورة وكوريا الجنوبية وغيرها تسهم في فتح أسواق جديدة وتعزيز قدرة المنتجات العُمانية على المنافسة.
فرص وظيفية وتنمية بشرية
وفيما يتعلق بالجانب الاجتماعي، أكد قطن أن المشاريع القائمة في المنطقة الحرة توفر آلاف فرص العمل للشباب العُماني، حيث تشمل هذه الوظائف تخصصات هندسية في مجالات الكيمياء والكهرباء والميكانيكا، إضافة إلى مجالات الإدارة والموارد البشرية والعلاقات العامة.
وأشار إلى أن المرحلة الأولى من المشاريع عادة ما تعتمد على خبرات أجنبية لتشغيل المصانع والإشراف على الإنتاج التجريبي، إلا أن الكفاءات الوطنية تتسلم زمام الأمور تدريجيًا بعد تلقي التدريب والتأهيل، ما يسهم في نقل المعرفة والتقنيات الحديثة إلى الشباب العُماني.
منصة اقتصادية للمستقبل
وأكد قطن أن المنطقة الحرة لم تعد مجرد منطقة صناعية عادية، بل تحولت إلى منصة اقتصادية متكاملة تجمع بين الصناعات الثقيلة والصناعات التحويلية والخدمات اللوجستية، بما يضمن استدامة العوائد الاقتصادية وتنويع مصادر الدخل. وتمتد عقود الاستثمار إلى 30 عامًا قابلة للتجديد، ما يوفر بيئة استثمارية مستقرة وموثوقة على المدى الطويل.
رؤية “عُمان 2040”
وفي ختام حديثه، شدد قطن على أن المنطقة الحرة بصلالة تتماشى مع أهداف رؤية عُمان 2040 التي تركز على تنويع الاقتصاد الوطني وتعزيز القيمة المضافة للصناعات المحلية. وأكد أن المرحلة المقبلة ستشهد مزيدًا من المشاريع النوعية، خصوصًا في الصناعات التحويلية والدوائية واللوجستية، فضلًا عن دعم الشركات الناشئة والابتكار التقني.
إشادة الصحفيين
وقد أشاد الصحفيون المشاركون في الزيارة بالتطور الكبير الذي تشهده المنطقة الحرة، مؤكدين أن ما لمسوه على أرض الواقع يعكس صورة إيجابية عن المناخ الاستثماري في السلطنة. وأكدوا أن هذه الجهود لا تعزز فقط مكانة عُمان كوجهة استثمارية، بل تسهم أيضًا في خلق فرص تنموية للمجتمع المحلي ودعم الاقتصاد الوطني.
وجهة عالمية جاذبة
وبهذا، تواصل المنطقة الحرة بصلالة تعزيز حضورها كواحدة من أهم المناطق الاقتصادية في الشرق الأوسط، ووجهة مفضلة للمستثمرين الباحثين عن بيئة استثمارية مستقرة، وحوافز منافسة، وموقع استراتيجي يربط بين أسواق آسيا وأفريقيا وأوروبا. ومع هذه المقومات، تمضي صلالة بخطى واثقة لتكون منصة عالمية تحتضن صناعات المستقبل وتفتح آفاقًا جديدة للتنمية المستدامة.