طالب بن سيف الضباري:
على الرغم من الدور الكبير الذي قام به المجتمع ممثلا في مكوناته المختلفة حكومة ومؤسسات خاصة ومجتمع مدني وافراد ، لمعالجة ما خلفه اعصار شاهين بمحافظتي جنوب وشمال الباطنة والتخفيف على المتضررين من قاطني هاتين المحافظتين ، وتلك الملحمة الوطنية التي جسدت تلاحم افراد المجتمع على كل شبر من ارض عمان الطاهرة وزحفهم بالالاف لعدة أيام، الا ان هناك العديد من الامور التي لابد من الوقوف عندها تجنبا لعدم التكرار لما هو قادم لاسمح الله لمثل هذه الانواء المناخية والتي صنفت السلطنة على انها من الدول التي اصبحت على طريق هذه الانواء لوقوعها على بحار مفتوحة مثل بحر العرب والمحيط الهندي ، فكمية الامطار التي كان يحملها جدار الاعصار الممتد الى عشرات الكيلو مترات عند نزولها على الارض والجبال ضاقت بها الاودية التي سدت بموانع من صنع الانسان ولم تجد منافذ سوى الانحراف والدخول في قرى على بعد كيلو مترات من مسارات تلك الاودية، وتسبب ذلك في تحولها إلى قرى معزولة يصعب الوصول إلى بعضها لعدة ايام، بعدما غمرتها المياه وقضت على كل ما هو جميل فيها ولم تبق على اي شيء صالح للاستعمال واضطر سكانها اما الى استخدام الادوار العلوية للنجاة بانفسهم او السباحة للوصول إلى مكان آمن حتى تهدأ العاصفة.
ما سرده العديد من سكان تلك القرى من قصص ومشاهد مرعبة في مواجهة ليلة الإعصار يؤكد على حجم الكارثة التي اصيبوا بها، مما يدعونا إلى مراجعة الحسابات من جديد في كل ما يتعلق بعملية التخطيط والحفاظ على سلامة مجاري الاودية وعدم التعدي عليها، حيث ان الطبيعة لها حساباتها ولا يمكن التكهن بما سوف تكون عليه في يوم او سنة او عدة سنوات، بدليل ان تلك الاودية التي مر عليها عشرات السنين واعتقد الجميع انها لن تعاود جريانها مرة اخرى وأهملت صيانتها من بعد جونو ززحف اليها العمران، خالفت كل التوقعات وكانت هي السبب الأبرز لهذه الكارثة، وتسببت في فقد ارواح وممتلكات ومرافق حكومية.
وعلى الجانب الاخر فإن التحذيرات التي اطلقت من قبل اللجنة المعنية قبل وقوع الكارثة لم يصاحبه خطة إجلاء ان لم يكن للسكان، فعلى الأقل ما تحتويه مساكنهم من ممتلكات الى اماكن اكثر امنا، في الوقت الذي كان يتوقع ان يصل منسوب المياه الى 500 ملى وسرعة رياح عالية مصاحبة لمركز الاعصار الذي سيعبر ساحل الباطنة.
الامر الاخر وهو الاكثر اهمية الالية التي كان يفترض ان تكون جاهزة، من خلال سيناريوهات معدة سلفا حول كيفية الوصول الى المتضررين وتوزيع المؤن عليهم وتقييم حجم الاضرار التي لحقت بهم، والفئات الاكثر تضررا وما يحتاجونه من مساعدات عاجلة، فغياب كل ذلك ادى الى فوضوى وعشوائية في التوزيع، فغير المستحق حصل على المساعدة، قبل المستحق المحاصر في منزله غير القادر على الوصول لتلبية احتياجاته، كما ان الارتباك وعدم التنظيم في توزيع المساعدات كان أرضا خصبة للمحسوبية والمحاباة، حتى تعالت الاصوات بالاستهجان لما يحدث، وتفاديا لكل تلك السلبيات وعدم التوفيق في ادارة الازمة ما بعد الانواء المناخية، لابد من بناء العديد من السدود للاستفادة من مياه الامطار من ناحية وحماية القرى التي يمكن أن تتضرر، كذلك وقف توزيع الاراضي في مجاري الاودية وتعويض من تقع حاليا مساكنهم وممتلكاتهم عليها بأماكن تتوافر بها المزيد من الحماية، وان يسند توزيع المساعدات الى لجنة في كل ولاية يرأسها الوالي وتضم في عضويتها اعضاء مجالس الشورى والبلدي وشيوخ بالقرى المتضررة، فهم الاقدر على معرفة الاكثر تضررا واستحقاقا للمساعدة، باشراف من اللجنة الرئيسية لادارة الحالات الطارئة حتى لا يتكرر ما حدث بعد شاهين من خلل في ادارة الازمة.
امين سر جمعية الصحفيين العمانية
dhabari88 @hotmail.com