طالب بن سيف الضباري
أمين سر جمعية الصحفيين العمانية
dhabari88@hotmail.com
العودة إلى الماضي من بوابة الحاضر أصبح يمثل للعديد من دول العالم ثروة ودخلا قوميا يسهم بشكل كبير في رفد الموازنات العامة، ويعزز من قوة الاقتصاد وتحسين الاوضاع المعيشية للالاف من الاسر فضلا عن تفعيل الجانب السياحي والتعرف عن قرب على كنوز من الثروات المنسية المتمثلة في العشرات من القرى الاثرية التي تتواجد في مواقع مختلفة، حيث ان الدول التي عرفت كيف تطوع مثل هذه المكونات السياحية تمكنت من تحقيق معدلات متقدمة من الايرادات، مثلت بالنسبة لها رقما مهما في الدخل ، فضلا عن انها وفرت الالاف من فرص العمل واعادة الحياة مرة اخرى الى قرى ومدن كادت ان تندثر نتيجة عدم الاهتمام وعوامل التعرية، ونحن في عمان لاشك لدينا العديد من هذه القرى الاثرية القديمة التي لو حظيت بالاهتمام من الجهات المعنية ستصبح اماكن جذب سياحي وستمثل قيمة مضافة لخارطة الاقتصاد الوطني، فعلى سبيل المثال ما يحدث الان في قرى نزوى القديمة من ترميم والذي تتبناه احدى الشركات الاهلية يصب في ذلك الاتجاه، و لابد ان تدعم هذه الفكرة من قبل الحكومة وتسهل لهذه الشركات بشكل اكبر القيام بهذا الدور، خاصة وان مثل هذه القرى تجد من يفد اليها للاقامة فيها على الرغم من محدوديتها من ناحية وعدم استغلال ممراتها الجميلة الرائعة باقامة مقاه ومطاعم يتم ارتيادها ليس من السائحين فحسب وانما من قاطني الولاية والولايات المجاورة .
كلنا ننبهر عندما نخرج من بلدنا الى بلدان اخرى سواء بقصد السياحة او العمل، بما نشاهده من تطويع للمباني الاثرية وتحويلها الى مزارات سياحية، حيث ان معظم دول العالم لا تخلو من هذه الاماكن ويرتادها الملايين في كل عام من مختلف اقطار العالم ، لان القائمين عليها أدركوا اهمية ان تتحول لمرفق سياحي بخلاف ما اعتاد عليه السائح من مرافق تطغى عليها الحداثة، حيث ان مثل هذه المواقع لها خصوصيتها وطابعها المميز في استحضار تلك الحياة التي كانت معاشة لمئات الاعوام باستخدام وسائل وطرق غير معقدة في التعاطي مع متطلبات الحياة اليومية، فاذا كانت قرى نزوى القديمة واحدة من القرى التي تشتهر بها محافظة الداخلية فان هناك قرى بطبيعة الحال في نفس المحافظة لا تقل اهمية في ولاية الحمراء وبهلاء وغيرها من الولايات، ومع ان مسفاة العبريين بولاية الحمراء التي اصبحت مزارا سياحيا وتمكن سكانها بجهودهم الذاتية من تحويلها الى قرية سياحية تتوفر فيها مقار الاقامة والمقاهي والمطاعم، وتشهد ازدحاما شديدا خلال ايام الاجازات الا انها لاشك تحتاج ان يكون لها ايضا اهتمام من الحكومة لدعم تلك الجهود والتدخل لتأمين بعض الخدمات التي تؤمن للسائح سهولة الوصول اليها وايجاد المرافق كمواقف السيارات ودورات المياه النظيفة وغيرها من الخدمات السياحية الاخرى .
ما شهدته شخصيا خلال زياتي قبل فترة الى الحارات القديمة في كل من نزوى الحمراء وبهلاء وقبل ذلك نيابة سناو ، نستطيع القول عنه انه ثروة منسية لم تكتشف حتى الان فالاجداد والاباء لم يتركوها لنا طينا او جصا، بل كنوز من الثروات التي يبحث عنها السائح اثناء وجهاته السياحية فحواري اليونان او جنيف او روما او اي حارة في اي بلد، ليست افضل من تلك التي تتواجد في بلدنا، الا ان الفرق في ذلك، أنه في تلك الدول وجدت من يدرك اهميتها ويعطيها اهتماما اكبر لينقل السائح للمشاهدة والتفاعل مع شيء جديد غير ذلك الذي اعتاد عليه، من فنادق راقية ومراكز تجارية وغيرها من مكونات المدن الحديثة، فالى متى سنظل متجاهلين هذا الكم الكبير من مصادر الدخل عبر قطاع السياحة ؟ الم يحن الوقت، إن لم تكن الحكومة قادرة على ذلك، فلفتح المجال للقطاع الخاص للقيام بهذه المهمة بشكل اكبر مما هو عليه الان ؟ فالسكوت احيانا في الجوانب المتعلقة بالاقتصاد عبر بوابة القطاع السياحي من خلال عدم استغلال هذه المواقع فيه خسارة للوطن، فلنحدث ضجيجا لهذه القرى المنسية يصل إلى كل العالم .