نظمت جمعية الصحفيين العُمانية ممثلة في لجنة الحريات، مساء أمس الأحد، جلسة حوارية بعنوان “الصحافة العُمانية بين الحرية المتاحة والتشريعات المنظمة”، وذلك بمقر الجمعية بمرتفعات المطار، احتفالًا باليوم العالمي لحرية الصحافة 2024 في نسخته الحادية والثلاثين.
وأقيمت الجلسة الحوارية بحضور لفيف من أعضاء مجلس إدارة الجمعية والأعضاء المنتسبين للجمعية، وعدد من الصحفيين والإعلاميين والأكاديميين والمختصين بالشأنين الإعلامي والتشريعي في سلطنة عُمان.
وقد شارك في الجلسة الحوارية عدد من الأكاديميين والإعلاميين والقانونيين وهم: الدكتور محمد بن عوض المشيخي، والإعلامي موسى الفرعي، والنقابي علي يوسف عضو المكتب التنفيذي بالاتحاد الدولي للصحفيين عبر الاتصال المرئي، والمحامي الدكتور أحمد بن سعيد الجهوري، والإعلامية خلود العلوية، وأدار الجلسة الإعلامي باسل الرواس.
افتتحت الجلسة بكلمة للجنة الحريات بالجمعية، أكد فيها الدكتور خالد بن راشد العدوي عضو مجلس إدارة جمعية الصحفيين العُمانية ورئيس اللجنة، أهمية الاحتفال بهذا اليوم الذي يأتي هذا العام في ظل ما يشهده العالم من إبادة جماعية يشنها الاحتلال الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني، حيث يكافح الصحفيون والإعلاميون من أجل توثيق جرائم الاحتلال لكي تصل إلى أسماع العالم، ونتج عن ذلك استشهاد عشرات الصحفيين وسط صمت عالمي مريب.
وأشار إلى أن العالم يعترفُ بالدورِ الأساسي الذي تؤدّيه وسائلُ الإعلام، وإنّ الاحتفالَ بهذه المناسبة يُعتبرُ فرصةً مهمةً وسانحةً لتأكيد التزامنا بصونِ حريةِ الصحافةِ وحقوقِ الصحفيين والإعلاميين في أرجاء العالم قاطبةً، ولمناقشةِ كلّ ما يمكن أن يعترضَ سيرَ العملِ الصحفيّ والإعلامي.
مؤكدا أن حريةُ الصحافةِ ليست خيارًا، بل هي مطلبٌ وضرورةٌ حتميةٌ يناشِدُ بها كلّ صحفي وإعلاميٍّ غيورٍ للتخلّص من كافةِ القيود التي قد تعيقُ مكافحةَ المعلوماتِ المغلوطةِ والمضللة، مشيراً إلى أن احتفالُ هذا العام يأتي تحت شعارِ “الصحافةُ في مواجهةِ الأزمةِ البيئيةِ والتغيّرِ المناخي”، حيث يمرُّ العالمُ بحالةِ طوارئَ بيئيةٍ لا مثيلَ لها تهدّد الجيلَ الحاضرَ والأجيالَ المقبلةَ في كينونتِها، وإذ يحتاجُ الناسُ إلى معرفةِ هذه الحقيقةِ فإن للصحفيين والعاملين في وسائلِ الإعلامِ دورًا رئيسيّا في تثقيفِهم وتزويدِهم بما يلزمُهم من المعلومات.
وتطرق الدكتور خالد العدوي إلى الظلمَ العالميَّ الذي يتعرّض له الصحفيين والإعلاميين في غزة وفي عموم فلسطين المحتلة في سعيهم الدؤوبِ لكشفِ الحقائقَ، حيث يتعرضُ الصحفيونَ لمخاطرَ جسيمةٍ بمجردِ أدائهم لمهامهم اليومية، فقد قُتلَ عددٌ أكبرُ من الصحفيين في عام 2023 مقارنةً بأي عام آخرَ في الذاكرة الحديثة.
وبين إن التشريعاتِ والقوانينَ العمانيةَ في سلطنة عمان كفلتْ حُرِّيةَ الرأي والتعبير، حيث إن الوضعَ العامَّ للحُريات الصحفية يعكسُ مؤشرًا جيدًا لممارسة العمل الصحفي والإعلامي .
وتطرق العدوي إلى أحدثِ الإحصاءات التي أصدرتها وزارة الإعلام في مارس 2024، حيث أشار إلى عدد الصّحفِ اليوميةِ في سلطنةِ عمان تبلغ حالياً 7 صحفٍ، في حين بلغ عدد المؤسسات والحسابات الصحفية الالكترونيةِ المعتمدة 142 حساباً، كما بلغ عددُ المؤسّساتِ الصحفيةِ الخاصةِ الإلكترونيةِ المرخّصِ لها (22)، والمنشآتُ الالكترونيةُ المسموعةُ والمرئية (8) وذلك بنهاية عام 2022 وهي جميعُها تمارسُ مهامّها الصحفيةَ والإعلاميةَ بحريةٍ وشفافيةٍ تضع نصب أعيُنِها مصلحةَ البلادِ ورفعة شأنها.
وفي ختام كلمته أكد سعى جمعيةُ الصحفيين العمانيةُ للمضيِّ قدمًا في دعمِ الحرّياتِ الصحفيةِ لممارسةِ العملِ الصحفي والإعلامي في سلطنةِ عمان من خلال التواصُلِ مع بعضِ الجهاتِ مثلَ اللجنةِ العمانيةِ لحقوقِ الإنسانِ والتعاون مع لجنة المحامين العمانية والسّلطاتِ القضائيّةِ حولَ ما يصلهُم من قضايا تخصُّ الصحفيينَ والإعلاميينَ للعملِ على حلحَلتِها بشكلٍ ودّيٍّ قبل وصولها للمحاكم درءا لأيّ عقوبات قد تطالُ هؤلاء الصحفيين والإعلاميين تؤثّر على مستقبلهم المهنيِّ حرصا على استمرارهم في تأدية رسالتِهم الإعلاميةِ على أكملِ وجه.
بدوره، قام سليمان بن عبدالله اليعربي عضو لجنة الحريات بالجمعية بقراءة لمختصر التقرير السنوي للحريات الصحفية في سلطنة عُمان للعام 2023، الذي أعدته لجنة الحريات، حيث استعرض التقرير جوانب حالة الحريات الصحفية الذي مرت بها سلطنة عُمان خلال العام الماضي 2023م.
وأكد ملخص التقرير على عدم تعرض أي من الزملاء الصحفيين والإعلاميين لأي اجراءات وهذا بحد ذاته يعد تقدمًا مهماً، نظراً لعدم وجود أي من التجاوزات قانونًا، وخلو وسائل الإعلام من التجاوزات التي تستوجب المسائلة أدى إلى ممارسة العمل الصحفي والإعلامي بشكل جيد.
وأوضح الملخص أن تقدم مؤشر الحريات الصحفية لعام 2023م لبعض المنظمات الدولية يعزز من توسع هذه الساحة من الحريات الصحفية في سلطنة عُمان وتساهم في المزيد من الوعي في أهمية دور الصحفي والإعلامي لينهض بمسؤولياته ويفعل دور المؤسسة الصحفية والإعلامية في إداء دورها بنزاهة ويقلل من الضغط على هذه الأطراف في مسألة الرقابة الذاتية.
وأن تقدم هذا المؤشر هو نتيجة جهود مشتركة بين الجميع مع التطلع إلى استمرار حالة التعاون البناء وتعميق الثقة بينهم لخدمة هذا الوطن.
وتطرق التقرير كذلك إلى إشكالية البحث عن مصادر لتدفق المعلومات الصحفية التي تشغل بال الصحفيين والإعلاميين ليتمكنوا من أداء دورهم في العمل الصحفي والإعلامي، وهذه الإشكالية هي في ندرة تدفق المعلومات التي اصبحت تمثل تحدياً كبيراً كما يضعف من دور العمل الصحفي والإعلامي خلال المرحلة المقبلة ويقلل الفرصة على كوادرها من تقديم مادة مهنية ثرية.
وعرج التقرير كذلك إلى الحاجة الماسة لتدريب وتأهيل الكوادر الصحفية خاصة الناشئة منها التي ستقود المشهد خلال الفترة القادمة وكذلك القائمين على رأس عملهم في تعزيز تخصصاتهم المهنية المتنوعة .. والدفع بأهمية اكتسابهم للمهارات المتميزة عبر دورات داخلية وخارجية وتطوير قدراتهم وتأهيل إمكانياتهم.
مؤكداً أن عام 2023م شهد إعطاء المزيد من التراخيص لعمل بعض المؤسسات الصحفية الإلكترونية، وهذا يؤدي إلى المزيد من التنوع ويساهم في شمولية التغطيات الصحفية والإعلامية.
وفي الجلسة الحوارية، سلط المشاركون الضوء على واقع الحريات الصحفية والإعلامية في سلطنة عُمان، والممكنات الداعمة للحريات الصحفية وحماية العاملين عليها، وأبرز التحديات التي تواجه حرية الرأي والتعبير المسؤولة في ظل الإعلام الجديد، إضافة الى استعراض أبرز جهود جمعية الصحفيين العُمانية في تعزيز حرية الصحافة والإعلام وحماية الصحفيين، ومتطلبات دعم الحريات الصحفية وحماية العاملين عليها مستقبلًا. وفي ختام الجلسة قام سالم بن حمد الجهوري نائب رئيس الجمعية بتكريم المتحدثين.