يبدو أن ظاهرة التسريح عند بعض من المؤسسات والشركات الحكومية والخاصة بدت عادة ، قرارات تسريح لم تضع أي اعتبار للجوانب الاجتماعية، والاقتصادية المترتبة على مثل هذه القرارات، وتأثيرها المباشر على حياة الأفراد ومستقبلهم وأسرهم.
قضية شائكة وظاهرة غير صحية تزيد من تفاقم مشكلة الباحثين عن عمل والمسرحين، وتضع الحكومة أمام تحديات جديدة، فيما يتعلق بتوفير فرص العمل واستيعاب الباحثين، فالمواطن ومستقبله واستقراره تبقى وستظل مسؤولية مشتركة بين الجميع، المؤسسة، والفرد، والمجتمع، ولا يمكن التعامل مع ظاهرة التسريح كقضية عابرة دون الوقوف عليها من كل جوانبها ومسبباتها وطرق علاجها.
تطل علينا إحدى الشركات الحكومية لتعلن بكل إنهاء خدمات المئات من موظفيها العمانيين، وساقت فيما ساقت من المبررات التي دعتها لاتخاذ هذه الخطوة ، ومنها إعادة هيكلة الشركة، وتقليل الخسائر، وضبط الصرف وغيرها من المسببات التي بالتأكيد لم يكن لهؤلاء الموظفين ذنب فيها بل هي راجعة لجوانب قد تتعلق بسوء الإدارة وفقدان الرؤى والخطط، وغياب الإدارة المالية الحصيفة التي بمقدورها معالجة المشكلة بعيدا عن التسريح وإنهاء الخدمة.
إن معالجة الخسائر وتقليل التكلفة وهيكلة الشركات لا يمكن أن يكون على حساب الموظف وأن يكون هو الخيار الأول لمعالجة مشاكل هذه الشركات والمؤسسات بل يجب أن تتاح الحلول والبدائل والخيارات التي يمكن أن تحد من هذه الخسائر عبر التخطيط السليم والتقليل من الأعباء المالية، ومراجعة دقيقة لأسباب ومسببات هذه الخسائر وغيرها من الوسائل والحلول التي تحافظ على حقوق العاملين وتضمن لهم البيئة الوظيفية المشجعة والمحفزة والجاذبة، ومن المهم أن تكون المؤسسة جزءا من الحل وليست جزءا من المشكلة.
وفي الوقت الذي تعمل الحكومة فيه على استيعاب الباحثين عن عمل خاصة في هذه المرحلة المهمة من مسيرة نهضة عمان المتجددة فمن الأهمية أيضا الدفع بمجالات التوظيف وإيجاد مسارات وقنوات جديدة من شأنها تعزيز الجهود المبذولة في هذا الاتجاه وربما أن الدفع بمؤسسات القطاع الخاص وتسهيل الإجراءات المتعلقة بالاستثمار ودعم الشباب في إقامة مشاريعهم التجارية، والبحث عن فرص عمل جديدة في مؤسسات الدولة. والدفع بالقطاعات الاقتصادية والاستثمارية والتجارية هي جوانب أساسية من شأنها استيعاب تلك الأعداد الباحثة عن عمل وحل من حلول ضبط تسريح الموظفين خاصة في الشركات الحكومية والكبيرة.
يقول أحد المديرين المنهية خدماتهم قبل حوالي شهر – وهو لم يكمل 7 سنوات بوظيفته – تفاجأت برسالة من الموارد البشرية بالشركة تطلب مني إجراء اختبار منافسة للوظيفة التي أشغلها، وأنه في حالة عدم تجاوز الامتحانات والمقابلة سوف يتم إنهاء خدماتي مقابل صرف راتب لـ 12 شهرًا.
يقول لم أجد خيارا آخر ورضخت لمطالبهم وبعد فترة جاءتني رسالة إنهاء خدمة في مدة لا تتجاوز شهرا، وهي رسالة وجهت للعشرات، ويضيف: أنا ملتزم بأسرة ومديونيات للبنوك وبالتالي في حالة عدم الالتزام بدفع المبالغ المترتبة علي فإنه لابد من أحد الأمرّين: إما بيع بيتي أو الدخول في قضايا ومحاكم طويلة.
هي قصة من قصص كثيرة من المشاكل والتحديات التي واجهها المسرحون، والتي تبحث عن معالجات وحلول مستدامة وليست وقتية إذا ما أردنا بالفعل أن نغلق هذا الملف الشائك والطويل. فالحكومة اليوم تعمل بجهد كبير لإيجاد مخارج وحلول لاستيعاب هذه المخرجات وإيجاد معالجات مستدامة لكن من المهم في نفس الوقت أن تكون هناك رؤى واضحة وبرامج توظيف تضمن الاستقرار الوظيفي والاجتماعي والاقتصادي لآلاف من الموظفين أو المقبلين على هذه الوظائف، هو أيضا ما يعمل على إيجاد حراك اقتصادي، واجتماعي.
مصطفى المعمري
كاتب عماني