من الظواهر التي بدأت تنتشر مؤخرا في مختلف محافظات السلطنة وأكثرها في محافظة مسقط وتناولته جريدة الوطن من خلال تحقيق صحفي، التصريح لمحلات ومراكز تجارية ذات أنشطة مختلفة تحمل أسماء مدن وعواصم عربية وأخرى أجنبية، مما يعد ذلك من الأساليب الترويجية لهذه المدن وغرس ثقافة التعود لدى المجتمع بترديد مثل هذه الأسماء واعتبارها معلما من معالم الدلالة على الأمكنة، مثال ذلك اذا سألت أحدهم اين يقع المكان الفلاني يجيبك بانه بالقرب من المحل أو المركز التجاري الذي يحمل اسمه تلك المدينة العربية أو الأجنبية.
فلماذا الجهات المعنية تسمح بمثل هذه العناوين للمحلات التجارية؟ ألا توجد في عمان ولايات ومدن وقرى تستحق أن تتصدر مثل هذه المحلات؟ وأن يسهم ذلك في الترويج لها والتعريف بها، وأن يتعود المواطن أو أفراد المجتمع بصفة عامة تناقل هذه المسميات وترسيخها لديهم كمدن عمانية لها حضور سواء تاريخي أو حضاري، مثال على ذلك مسندم ونزوى وقلهات وصحار بدلا من المدن غير العمانية، وقس على ذلك العديد من العناوين الأخرى، فأين الشعور الوطني بأهمية التأكيد على أن تكون مثل هذه المسميات التجارية حاضرة وبقوة في واجهات المحلات بدلا من الأخرى التي يرى البعض بان السماح بان تكون عناوين لواجهات المحلات خطأ ترتكبه الجهات المعنية بمنح الرخص التجارية، فعمان ولله الحمد بها 11محافظة وعدد 61 ولاية هذا عوضا عن الآلاف من المدن والقرى العمانية معظمها لها حضور تاريخي، يمكن اذا ما برزت على واجهة أحد المحال التجارية ستستحضر ذلك التاريخ من خلال الفضول الذي سيدفع بالبعض للبحث عنه.
فكم هو مؤلم لدى البعض عندما يمر على لوحة لمحل تحمل اسم مدينة غير عمانية على مساحة أحيانا تتجاوز 15 مترا، أو يوصف للوصول الى وجهة يريد الوصول إليها لا تتم الا بالاسترشاد بتلك المدن، صحيح يمكن البعض يستهين بمثل هذه الأمور ويعتبرها لا تمثل أثرا كبيرا على التوجه الثقافي العام، وأن ذلك شأن يعود إلى صاحب المؤسسة لاختياره للاسم الذي يراه أكثر جذبا وتسويقا لدى المستهلك، وأنها من المسميات التي تندرج تحت ما يسمى اصطلاحا اسم المنشأة، إلا أننا ومع احترامنا لتلك المسميات التجارية يفترض أن تكون لدينا نظرة بعيدة المدى لما سوف يكون عليه الوضع خلال عدة سنوات من الآن إذا ما استمر الحال على ما هو عليه بالتصريح بمثل هذه المسميات، والتي ستصبح واقعا ليس على واجهة المحلات فحسب وإنما في الفكر الثقافي العماني أو الموسوعة التجارية والاقتصادية العمانية، وبالتالي لابد أن يكون لدى الجهات المعنية تلك النظرة سواء من خلال إيقاف التصريح بمثل هذه المسميات والعمل على أن يكون البديل المحافظات والولايات والمدن العمانية، حتى ولو استدعى الأمر عدم قبولها الكترونيا من خلال برنامج اختيار الاسم التجاري المتبع حاليا عن طريق مكاتب خدمات سند.
إن المحافظة على الهوية والخصوصية العمانية والتركيز على أن يكون ذلك حاضرا في كل المفردات التي لها علاقة مباشرة بالمجتمع، يجب أن يمثل أولوية عند متخذي القرار والمؤسسات المعنية، وأن يؤسس ذلك لمشروع تسويقي مستقبلي إذا ما أصبحت مثل تلك الشركات التي تحمل مسميات عمانية تعمل من خلال استثمارات خارج حدود الوطن، على اعتبار أن مثل هذه التوجهات لها دور كبير ومؤثر في الانتشار المعرفي لجغرافية عمان ومدنها المختلفة.
طالب الضباري
* أمين سر جمعية الصحفيين العمانية
Dhabari88@hotmail.com