طالب بن سيف الضباري:
شهدت الفترة الماضية بعد التشكيل الوزاري الجديد الكثير من التحولات على الصعيد الاداري في المؤسسات الخدمية التي شملها التغيير، حيث صاحب ذلك إحالة آلاف الموظفين الى التقاعد ممن اكمل الثلاثين عاما خدمة، مما وضع رؤساء الوحدات في ازمة ادارية خانقة نتيجة خروج العديد من القيادات خاصة من هم في الصفوف الامامية، ولديهم ملفات خدمة مرتبطة بالمجتمع وخطط وبرامج البعض منها لم تكتب على ورق وانما في ذاكرة كل مسؤول وما بعده من القيادات الدنيا اقل استيعابا لتلك الخطط وخبرة، ومعرفة ودراية بالتوجهات التي يفترض ان تسير عليها الوحدة في ترجمة اهدافها وتكاملها مع الاجهزة الخدمية الاخرى، كما ان الامر الاخر تمثل في الدمج الذي حصل لعدد من المؤسسات التي لها علاقة بطبيعة العمل الذي تمارسه، ليس بشكل مباشر وانما من خلال التقارب في الاختصاصات مثال على ذلك وزارة القوى العاملة ووزارة الخدمة المدنية التي دمجت تحت مسمى وزارة العمل ووزارة الاعلام والهيئة العامة للاذاعة والتلفزيون، وغيرها من الوحدات التي لاتزال تحاول ان تتكيف مع وضعها الجديد بقيادات البعض منها يحتاج الى المزيد من الوقت والجهد لاستيعاب وضعها الاداري الجديد.
الفراغ الاداري دفع بعض رؤساء الوحدات الاستعجال في سد ذلك الفراغ بقيادات تنفيذية لم يحالفها الحظ حتى الان للنجاح، لانها تفتقر الى الكثير من مقومات القيادة ومنها اتخاذ القرار انطلاقا من الصلاحيات المعطاة في تقديم الخدمة، وممارسة اللامركزية في تطبيق الاجراءات التي نصت عليها اللوائح واليات العمل، فهي لاتزال تتمسك بالامر الذي يجب ان يصدر من المسؤول الاعلى للتنفيذ، وهذا احد اهم اسباب الاسلوب الاداري العقيم المعطل لمصالح الناس، كما ان البعض الاخر من الرؤساء استخدم لعبة الشطرنج في تعيين المسؤولين لادارة بعض مديريات وافرع الوحدة، حيث يعين احدهم في موقع وبعد اقل من شهرين يعينه في موقع اخر، ربما على سبيل التجربة التي يفترض ان لا تكون في الاساس، حيث إن التعيين في مثل هذه القنوات التي تخدم افراد المجتمع لابد ان يكون بعد دراسة معمقة لشخصية تلك القيادة من حيث السلوك والاسلوب والفهم والقدرة على القيادة وتحسين صورة المؤسسة لدى طالبي الخدمة والمجتمع بصفة عامة، هناك الكثير من الوحدات تعاني وستظل تعاني نتيجة عدم التوفيق في الاختيار الذي استند على الدائرة الضيقة من المحيطين بالنسبة لرئيس الوحدة الجديد على العمل الاداري والخدمي مثلا، حيث استغل بعض من في تلك الدائرة الموقف لتصفية حساباته مع من كان ينظر اليهم بانهم لا يتوافقون مع توجهاته، فحيدهم ودفع بآخرين اقل كفاءة وخبرة وقدرة على اتخاذ القرار.
كل تلك الممارسات نظر اليها البعض على انها تخبط اداري أدى حتى الان الى عدم القدرة على التكيف مع ما يريده المجتمع من التغيير الذي طالب به لتحسين جودة الخدمة والسهولة والسرعة في الانجاز، وفي الجانب الاخر عطل تلك الاجندات التي حملتها قيادات التغيير في التشكيل الجديد لبناء منظومات خدمة اكثر استجابة للمطالب ومواكبة مع الرؤية التي كانوا من بين من كان لهم شرف المشاركة والمساهمة في اعداد منطلقاتها وتوجهاتها ، فلنسلم جدلا ان التغيير يحتاج عقول جديدة لم تلوثها البيروقراطية الادارية وكفاءات قادرة على استيعابه، وقبل ذلك اعادة النظر في القوانين واللوائح والقرارات وآليات العمل المتبعة لتواكب المفهوم الجديد لمستقبل البلاد.
أمين سر جمعية الصحفيين العُمانية
dhabari88@hotmail.com