طالب بن سيف الضباري
dhabari88@hotmail.com
يعتبر التراث بصفة عامة رمزا للهوية الوطنية وتاريخ يعبر عن حقبة زمنية معينة كانت حاضرة ومزدهرة بمفاهيم تلك العصور التي عاشتها الأجيال وبالتالي فإن المجتمعات البشرية تفتخر بما لديها من إرث تاريخي يؤكد على دورها ومساهمتها في الحضارة الإنسانية، ونحن في سلطنة عمان لدينا العديد من المواقع الأثرية وتاريخ يمتد إلى آلآف السنين نفخر ونفاخر به لأنه يؤرخ لبداية وجود الإنسان على هذه الأرض الطيبة، وبالتالي فإن الاهتمام السامي للمغفور له – بإذن الله تعالى – جلالة السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور – طيب الله ثراه، بتاريخ سلطنة عمان خصه بوزارة لحفظه وبمتاحف لصيانته ومن أكبرها متحف عمان عبر الزمان، وفي خطى الراحل كان ولايزال في دائرة اهتمام جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم – حفظه الله ورعاه -، وبالتالي فإن كل هذا الاهتمام رفيع المستوى يفترض ان يمثل رسالة الى القائمين على تاريخ وتراث البلد، بحفظه وصيانته وعدم التفريط فيه وان يكون منارات اشعاع للأجيال المتعاقبة عبر تجسيد ما شهدته المواقع التي يتواجد عليها، ونعني هنا القلاع والحصون التي لا تخلو اي ولاية منها كونها كانت تمثل مقر الحكم طوال عقود من عمر هذا البلد . ما نلحظه اليوم في الحقيقة من عجز في ادارة تاريخ وتراث عمان من خلال التفريط في بعض المواقع التاريخية واخرها حصن الخابورة يدعو الى الاستغراب والاستهجان، فهل يعقل مثل هذا الحصن الذي كان له دور فاعل ومؤثر طوال عقود في إدارة شؤون الولاية، واسهم في بناء مجتمع التف حول قيادته ان يحال الى التقاعد ويحول إلى مطعم ومقهي؟ أليس من الاجدر ان يحول هذا الحصن الى مركز اشعاع ثقافي ومعرفي وتوثيقي لتاريخ الولاية البحري والزراعي والتجاري، وكذلك نظام الإدارة المحلية الذي كان سائد في تلك الحقبة وآلية التواصل مع العاصمة، وان تكون هناك قصص تحكي عن شخصيات ،أثرت وأثّرت في مجتمع الولاية؟ فمن المؤسف حقا أن يكون هذا الرمز المطل على بحر عمان بشموخ وكبرياء يصبح مكانا للمأكولات والمشروبات، فمنظومة هذا الحصن ظلت لعقود مترابطة عبر ثلاثية ثانيها الفرضه وثالثها السوق القديم، الفرضه انقرضت والسوق يحتضر .إذا لابد من الجهات المعنية الإسراع في تصويب ما حدث من إجراء أساء الى هذا الإرث التاريخي، فالمطعم او المقهى السياحي يمكن ان يختار له اي مكان لكن الحصن برمزيته سيبقى شاهدا على عصور وحقب تاريخية ،يجب ان يفعل ليحكى كل ذلك من خلاله بالكتاب والصورة والصوت والفيديو المتحرك، بدلا من أطباق الطعام المتنوع وخبز الرخال والدنجو والباقل وشاي الكرك، فمحو التاريخ والتراث المتمثل في هذا الحصن ستكون مغالطة كبيرة ترتكب بحق الجيل الحالي والأجيال القادمة في الولاية والتي من حقها التعرف على جانب من نشأت وتطور وحراك المجتمع الذي ينتمي اليه.