طالب المقبالي
تعمد كثير من المؤسسات الحكومية والأهلية إلى تأجيل نشر أنشطتها التي تنفذها أواخر الأسبوع أو في الإجازات إلى يوم السبت بهدف النشر مع بداية الأسبوع.
فتنهال التقارير والأخبار إلى المراسلين وإلى الصحف يوم السبت من كل أسبوع لنشرها يوم الأحد وذلك لضمان الاطلاع على الخبر من قبل المسؤولين الكبار، على حد قول أحد المسؤولين الذين وجهت إليه تساؤلاً عن أسباب تأجيل إرسال الخبر في وقته، وذلك بحجة أنّ المسؤولين الكبار لا يطلعون على الصحف الورقية إلا في مكاتبهم.
لقد تعلمت خلال مشواري الصحفي الذي امتد من العام 1985 وحتى اليوم أنّ هناك أخباراً عاجلة لا تحتمل التأجيل، وتستدعي النشر السريع كسبق صحفي، وهي ما تعرف بمصطلح “فلاش خبر”.
لقد اكتسبت هذه الثقافة من خلال عملي الطويل بوكالة الأنباء العمانية التي أدين لها بالفضل الكبير في صقل مواهبي في هذا المجال، وقد شاركت في العديد من الدورات في مجال تحرير الخبر وصياغته، وفي مجال تحرير التقارير الصحفية، وفي مجال التحقيقات الصحفية، وفي مجال التصوير الصحفي. كما تعلمت لاحقاً من خلال جمعية الصحفيين العمانية وجريدة الرؤية، كيفية صياغة التقارير الاستقصائية، وغيرها من الدورات.
ومن خلال هذه التجارب والخبرات التي اكتسبتها أسدي النصيحة التي لا يرغب فيها كثير من الناس، ويعتبرونها تقليلا من معلوماتهم الصحفية. فكثيراً ما تصلني أخبار جاهزة تحمل صياغة ركيكة ولا تحمل مكونات وأركان الخبر الصحفي، فأعيد صياغتها بطريقة علمية قبل إرسال تلك الأخبار إلى وكالة الأنباء العمانية، أو جريدة الرؤية، أو صحيفة النبأ الإلكترونية، فأبعث بنسخة من الخبر بعد إعادة الصياغة إلى الجهة التي أرسلت الخبر كي يحسنوا من طريقتهم في صياغة الأخبار بأسس علمية، ولكن للأسف لا أحد يتقبل هذه الملاحظات، ولذلك ستبقى صياغة الأخبار ليست في المستوى المطلوب.
وبالعودة إلى موضوع تأجيل الأخبار فقد عودتنا وكالة الأنباء العمانية أنّ الخبر يجب أن يصل إلى الوكالة في يومه، ويبث في يومه كي تتناوله الصحف في اليوم التالي، أمّا الأمسيات التي تنتهي في وقت متأخر من الليل فإنّ الوكالة تستقبلها في صباح اليوم التالي في وقت مبكر، وغالباً ما يكون هناك تنسيق مسبق بذلك مع أسرة التحرير.
ويأتي هذا النهج انطلاقا من سياسة وكالة الأنباء العمانية، التي عرَفها المرسوم السلطاني السامي رقم 1986/39 الصادر بتاريخ 1986/5/29 بإنشاء وكالة الأنباء العمانية بأنّها المصدر الرسمي للخبر في السلطنة.
ولكونها المصدر الرسمي للخبر في السلطنة، فإنّه من الواجب عليها الحرص على بث الأخبار في وقتها، بخلاف الصحف التي تنشر الأخبار وإن مضى عليها أسبوعاً أو أكثر، وهذا ملاحظ في كثير من الصحف عدا جريدة الرؤية التي لا أزكيها كوني مراسلاً لها، ولكن الرؤية حددت لنا خطوطاً يجب ألا نتجاوزها، منها أن يكون الخبر موثوقا، وثانياً ألا يمضي على الخبر أكثر من يومين، وعند نشر الخبر الحديث يكتب أمس، وإن مضى عليه يومان يكتب أمس الأول، وإن مضى عليه ثلاثة أيام ولظروف تستدعي هذا التأخير يكتب عليه تم مؤخراً ولا يتأخر كثيراً، وهذه سياسة تعودت عليها، وتعكس هيبة ومصداقية الصحيفة بالالتزام بنشر الأخبار في وقتها.
وفي ختام هذا المقال هناك أمراً يجب أن يتنبه إليه الصحفي جيداً ولا يلتفت إلى أهواء المسؤولين الذين تقتضي مصالحهم إبراز رعاة الفعالية وتغييب الحدث الأهم.
فقد تعلمت من خلال مشواري الصحفي أننا عندما نصيغ الأخبار فإننا نأخذ في الاعتبار أحد أمرين وهذا ما تقتضيه أمانة الصحافة ونزاهة الصحفي، فإمّا أن نبرز راعي المناسبة ونقتل الحدث، وإمّا أن نبرز الحدث ويبقي الراعي كراعٍ لحدث هام وتبقى مكانته الوظيفية دون مساس.