علي راشد المطاعني
اليوم من الاهمية ان تحتسب الخدمات الحكومية بتكلفتها الحقيقة من كافة الجوانب التي تسهم في تنمية موارد الدولة الغير النفطية المباشرة و تطويرها بما يواكب متطلبات العمل في عصر يمضي بوتيرة متسارعه ، و ليست بالمجانية التي تقدم الان ،والتفريق في دفع رسوم الخدمات بين الأثرياء و الغير مقتدرين ، ومن الامثلة على ذلك و ابسطها توثيق عقود لدئ كاتب العدل ، حيث أن تتساوى قيمة توثيق عقد الزواج مع توثيق عقد قيمته بعشرين مليون ريال او اكثر ، بقيمة ريال واحد فقط لكلاهما، وفي اعتقادي ان هناك بونا شاسعا بين الخدمتين تتمثل في توثيق عقد زواج كاحدى الإجراءات اثبات حالة الزواج ، في حين الثاني توثيق عقد بعشرات الملايين من الريالات ، فيجب ان تكون نسبة الدفع الى قيمة العقد كما معمول به في العديد من دول العالم التي تقدمت في هذا المجال ، و هو ما يتطلب مراجعة تسعيرة مثل هذه المعاملات الشبة المجانية ، لامرين لتعزيز الايرادات المالية من جانب و تطويرها من جانب اخر .
أن تسعر قيمة العقود و توثيقها على سبيل المثال بنسبة مئوية لما تتضمنه من أموال أو ممتلكات ايا كان نوعها امر في غاية الاهمية لاعطاء قيمة لما يتم توثيقه تتناسب مع قيمته و اهميتها من جانب ، وكذلك دفع تكاليف الخدمة المقدمة وفق تكلفتها التي تتحملها الجهة من جانب اخر ، فعندما تسأل الموظف الذي يقوم بتوثيق العقد عن قيمة الورقة التي يطبع فيها العقد، فيقول لك لا تقل عن 300 بيسة، هذا فضلا عن تكاليف الخدمات الاخرى كراتب كاتب العدل و الموظفين الاخرين الذين يعملوا في مثل هذه الاقسام و الاختام و التوثيق و الكهرباء و غيرها من الخدمات المصاحبه ، في نهاية المطاف تجد بأن قيمة الخدمة أقل من الرسوم التي تدفع من جانب المستفيدين للأسف ، فهل من المناسب ان تستمر هذه الخدمات بهذه المجانية في ظل مثل هذه الظروف ..
الجانب الاخر ان توثيق العقود على سبيل المثال يتساوى الغني و الفقير في دفع مثل هذه الخدمات الحكومية ، و المواطن العادي و الشركة بدون تميز لمقدرة المالية ، ففي الوقت الذي على الدولة دعم الفئات المستحقة للدعم كفئات الضمان الاجتماعي و وذوي الدخل المحدود ، يجب ان تحصل قيمة الخدمة من الفئات الاخرى على الاقل، من خلال تحرير هذه الخدمات من مجانية الدفع و وفق قيمة العقود و الاثباتات المطلوبه .
و قد دفع قيمة توثيق العقود بريال وواحد فقط لدى كاتب العدل، البعض من التهرب من دفع رسوم بيع و شراء الاراضي بوزارة الاسكان مثلا ، حيث يلجا المضاربين الراغبين في البيع و الشراء في العقارات لكاتب العدل لتوثيق عقود شراء و بيع عقارات بقيمة ريال واحد للعقد في حين قيمتها الملايين و مئات الاف من الريالات ولو ان توثيق الاراضي و البنايات بقيمتها مثلا لن تجد هناك تهربا من الضرائب او تحايلا على انظمة نقل الملكيات في الدولة ، مثلما هو حاصل الان في ظل وجود مثل هذه الثغرات او مخارج التحايل المتستغله بشكل بشع اذا جاز لنا التعبير.
ان تسعير الخدمات بتكلفتها او جعلها تجارية من شانه ان يسهم في تطويرها ايضا ، بما يتلائم مع المتطلبات العصرية في تقديم الخدمات و رغبات المستفيدين منها ، فلايمكن ان تحسن هذه الخدمات بنفس القيمة الحالية ، ذا ان مثل هذه الخدمات تتطلب جهود و اليات و ادوات متطورة تسهم في تسريع تقديمها و الارتقاء بجودتها ..
ان المرحلة الراهنة تتطلب ايجاد موارد مالية للدولة و تنميها من خلال الخدمات المقدمة بطرق شبه تجارية تسهم في تسريعها و تقديمها وفق قيمتها ، الامر الذي يحتاج الى دراسه الكثيرمن الخدمات الحكومية الشبه المجانية و اعادة تسعيرها بحيث تواكب المعطيات الراهنة الهادفه الئ تعزيز الايرادات الغير النفطية التي مازالت متدنية للغاية لا تشكل في مجموعها في الميزانية العامة للدولة اكثر من 15 بالمائه للاسف على اختلافها و تعدد مصادرها.
فبلاشك ان العديد من رسوم الخدمات الحكومية شبه مجانية لا تخدم سياسات تنويع مصادر الدخل و رغبه في ايجاد موارد مالية مباشرة تتدفق الى الخزينة العامة للدولة ،ومنها تسعير العديد من الخدمات بتكلفتها او اكثر و تحسين الاداء في تقديمها لتواكب قيمتها ، فالمواطنين المقتدرين على استعداد على الدفع لخدمات متميزة تقدم لهم وفق الاساليب متطورة من الاداء اينما كانوا و في اي وقت ما دام ان هناك مقابل و لا حرج في ذلك اليوم ، اذا ذلك يقابله دفع يزيد من الايرادات الحكومية ، فتجارية الخدمات الحكومية ليست عيبا او استثناء يقدم في السلطنة ، فالعديد من دول العالم تقوم ميزانياتها على هذه مثل هذه الخدمات و سط ارتياح من المستفدين و رضاء غير عادي لمستوى الخدمات .
فالخدمات التي يجب من اعادة تسعيرها بين المواطن والشركات ، بل بين الاغنياء و الفقراء او متوسطي الدخل، فهناك شرائح في المجتع يمكن ان تدفع رسوم و ضرائب وفق قيمة و نوعية الخدمة ،وهذه النظم معمول بها في دول العالم و لا ريب من تطبيقها في السلطنة، و لا تشكل اعباء بقدر ما تقدم خدمة نوعية وفق رغبات المستفيدين.
بالطبع هذه الجوانب تحتاج الى جهود كبيرة لاعادة تسعيرها وفق المعطيات الجديدة و تسريع وتيرة المراجعة للاهمية التي تمثلها في المرحلة الراهنة خاصة في ظل شح الموارد المفطية و انعكاساتها على خزينة الدولة ولكن من الاهمية البدء في تصنيف الخدمات وفق قيمتها و بين شرائح المجتمع بحيث يدعم الفقير و متوسطي الدخل في يحن يدفع المقتدر.