خليفة بن سليمان المياحي
كفكف دموعك يا وطني، فبمشيئةِ الله سبحانه وتعالى، ثم بعزم رجالك الأوفياء المخلصين لن تنحني مهما حدث، ومهما تعرضت له، حيث نستمد القوة من المولى العلي القدير ، فعمان كانت ولا زالت وستظل صامدة وقوية تحرسها عناية الله، وسبق أن مرّت بأنواء مناخية كثيرة، وقوية، ولله الحمد مرت منه بسلام وأُعيد بناء ما تهدم، وكذا هي الأحوال، وتقلب الزمان من عسر ويسر وشدة ورخاء منذ الأزل.
و يوم الثالث من أكتوبر الحالي لم تكن ككل الأيام التي مرت على وطننا الغالي فقد جاء (شاهين) بقضه وقضيضه وبكامل عتاده وقواته ليهاجم وطننا وديعا مسالما، فأبعد النوم عن آلاف البشر في ليلة احلولكت بالظلام واغرورقت بالماء، ليصبح المئات بين عشية وضحاها من أبناء الوطن بلا مأوى إذ جرفت السيول والأودية عنهم كل شيء بعد أن قضوا ليلتهم في فزع وخوف ثم فقدوا كل شيء.
لكن ولله الحمد وبفضل التآزر، والتعاون هبّت عُمان بكاملها للوقوف مع أبناء الولايات المتضررة، ولا تزال حتى اليوم قوافل الخير تهل عليهم مصحوبة بالرجال من أبطال الوطن، عسكريين، ومدنيين كبار وصغار وأطفال، التقوا هناك واجتمعوا؛ لينفضوا الغبار والتراب ويزيلوا الطمي والرمل والمخلفات وينزفوا الماء الراكد عنها ليلبسوها حلة قشيبة تتلألأ رونقا وجمالا، وستكون بإذن الله تعالى أفضل بعونه وتوفيقه، ثم بجهود وتضحيات الجميع بدءًا من القيادة الحكيمة التي يقودها مولاي حضرة صاحب الجلالة السلطان / هيثم بن طارق المعظم – حفظه الله ورعاه- وأسرته الكريمة، وانتهاءً بجميع المواطنين، والمقيمين على تراب الوطن المعطاء.
وقد رأينا طوابير السيارات من كل أرجاء السلطنة التي تحمل المؤونة، والمعدات والرجال والنساء كما رأينا تعاضد أفراد الأسرة المالكه مع تلكم الجهود ووقوفهم إلى جانب المواطنين في الميدان، ولا ننسى ما قدمته السيدة الجليلة من قوافل وإمدادات تعد مثالا يُحتذى به في الكرم والسخاء، وليس ذلك بغريب فمولاي جلالة السلطان لم يغمض له جفن منذ وقوع الإعصار، فكما بات الناس في خوف وهلع بات جلالته في فكر بعيد يحمل هموم وطن بأكمله وأحزان شعب فجعوا بما لم يتوقعوا، فكان أكثر الناس ألما وأكثرهم إحساسا، كيف لا ؟ وهو الأب لكل العمانيين وهو المسؤول عن كل فرد في هذا الوطن، مواطنا كان أم مُقيما وكأني أراه حفظه الله يتمثل في قول الرسول الكريم صل الله عليه وسلم ( كلكم راعٍ وكلكم مسؤؤل عن رعيته).
فلا شك أن الحمل ثقيل، والعبء كبير، والمسؤولية ليست هيّنة فما أن أشرق فجر الصباح إلا وتشرق معه علامات الأمل، فيأمر حفظه الله بما يضمن عودة الحياة الطبيعية لأبناء الوطن في الولايات المتضررة، وقد علم الجميع الإجراءات السريعة التي اتخذت بأوامر وتوجيهات من لدن المقام السامي يحفظه الله ومنذ أن حدث الإعصار وجلالته يتابع عن كثب كل التطورات وما وصلت إليه الأمور حتى الآن ومدى إنجاز العمل في كافة الميادين.
لهذا أقول كفكف دموعك يا وطني ففيك رجال سيجلون الحزن بأمر الله سبحانه وتعالى وتوفيقه، فجلالة السلطان عندما أمر باتخاذ الإجراءت السريعة، لم يكن ذلك من فراغ، وإنما لإحساسه بحجم المسؤولية، ولحرص جلالته أن ينعم الجميع بالأمن، والأمان، والاستقرار مع توفير كل متطلبات المعيشة التي يحتاجها الإنسان من المأوى والمأكل والمشرب، واللباس ووسيلة النقل والاتصال، كل هذه الأمور كانت حاضرة لدى الحكومة، وهي الأبرز وهي محل الاهتمام من قبل القائد حفظه الله ورعاه، كما أن العمانيون بطبعهم العفوي لا يمكن لهم بأي حال من الأحوال أن يتخلوا عن جزء من تراب الوطن، فهبّ الجميع لتقديم العون والمساعدة، وهاهم حتى الآن يعملون ليل نهار من أجل أن تعود البسمة إلى أبناء هذا الجزء الغالي من عمان.
المصدر: https://alnaba.news/?p=73617