بقلم : علي المطاعني
في الوقت الذي تعمل فيه الحكومة جاهدة على دمج الوزارات والهيئات والمراكز الحكومية بهدف تركيز العمل في القطاعات المتشابهة، وتشكيل منظومة متناسقة أشبه ما تكون بالقطاعات الخدمية والاقتصادية؛ نجد بعض الوزارات توقع اتفاقيات ومذكرات تفاهم مع بعضها بعضا، كأنها وحدات مستقلة وليست عضوا أصيلا في حكومة واحدة. وفي واحدة من أغرب المفارقات الإدارية والتنظيمية؛ الأمر الذي يتطلب أن تكف الوزارات عن مثل هذه الممارسات الخاطئة في توقيع الاتفاقيات مع نظيراتها من الوزارات.
نحن الآن نعايش نهضة متجددة كما نعلم، وفي إطارها وفي سياق زخمها وعنفوانها نفترض جدلا حصيفا بأن كل الجهات الحكومية هي في الأساس وحدة متكاملة ومترابطة تعمل في تناغم وانسجام بروح الفريق الواحد من أجل تسجيل العديد من الأهداف التي أوضحتها رؤية عُمان 2040 الهادفة إلى الانتقال بالسلطنة لمستويات أفضل، وهذا لا يتأتى إلا من خلال أن تعمل الجهات الحكومية بشكل أفضل مما هو عليه الآن؛ ومن بينها التنسيق والتعاون مع غيرها من الجهات، لكن ليس من خلال توقيع الاتفاقيات ومذكرات التفاهم وغيرها، فهذا يعكس بأن الجهات الحكومية غير متكاملة ومنسقة مع بعضها؛ بل تعكس صورة غير ملائمة في المجتمع بأن هذه الجهات ليست في دولة واحدة وضمن حكومة واحدة أيضا.
لذلك وعندما نقول بأننا نقف والدهشة تحيط بنا إحاطة السوار بالمعصم فإننا نعني بالفعل ما نقول، فتوجهات وسياسات البلاد مصممة لتحقيق أهداف الرؤية، وهي مدروسة ومحددة بدقة، وعندما نجد أن الوزارات توقع اتفاقيات مع بعضها بعضا يصيبنا نوع من الهلع الذي له ما يبرره بالمنطق السديد، ومرده بأن هناك تشتتا في الأفكار، وانفراطا لا تخطئه العين إزاء وحدة الهدف ووحدة المصير، وأن هناك اختلافا في اتجاه أنهار التنمية التي يفترض أنها تصب في بحر التنمية الشاسع الواسع بغير توقف؛ وفي كل ولايات ومحافظات البلاد.
بالتأكيد أن إعادة هيكلة القطاع الإداري للدولة بدمج العديد من الوزارات ذات العلاقة المباشرة يهدف لتوحيد الجهود، ورص الصفوف، وتقليص الإجراءات، وإنهاء البيروقراطية، وتسريع وتيرة العمل في الجهاز الإداري للدولة؛ لكن وعمليا وعلى أرض الواقع نجد أن تحقيق تلك الأهداف يحتاج للمزيد من الوقت حتى تؤتي أكلها، والدليل على ذلك ما نحن بصدده هنا.
كما أننا لا نعرف على وجه الدقة ما هي نوع وكنه الاتفاقيات التي توقعها تلك الجهات مع بعضها، وهل تنفذ بنودها وبالنحو الذي أملى التوقيع؟ والذي خلصنا معه إلى أنه إجراء لا يعدو أن يكون تغريدا خارج السرب، كما أننا لا نعرف على وجه الدقة واليقين ما هي الجهة التحكيمية أو الرقابية المحايدة التي يمكن اللجوء إليها في حالات عدم التنفيذ وعدم الالتزام بنص وروح الاتفاقية، وغيرها من الأسس والضوابط التي تحكم العلاقات أو التفاهمات بين جهات مختلفة في دول متعددة، رغم أن المشار إليه يصطدم بحقيقة أنه تم في إطار حكومة واحدة وفي بلد واحد.
بالطبع بعض الجهات توقع اتفاقيات وعقودا مع شركات تتضمن التزامات متبادلة بينها، وبضوابط معينة يجب الالتزام بها؛ وبالطبع هذه لا غبار عليها، غير أنه لا يمكن الاعتداد بها لتوقع جهة حكومية مع أخرى زميلة اتفاقية في أي شأن كان؛ اللهم إلا إذ كان كلتاهما لا تعرف ما ينبغي عليهما عمله داخل البيت الواحد والأسرة الواحدة.
نأمل أن تتوقف هذه الظاهرة ، وأن تستوعب كل الجهات الرسمية حقيقة أن الواحد للكل والعكس صحيح أيضا، وعندما نجد أن هذا المعنى المضيء قد استتب له الأمر داخل أروقة الجهات الرسمية فعندها يمكننا القول أننا نسير في الطريق الصحيح إداريا وتنمويا.