تحرص بعض الدول على استغلال الفترة الصيفية التي تعطل فيها المدارس خصوصًا في دولنا العربية وتحديدًا دول الخليج العربية، فتعلن عن مواسم سياحية ومهرجانات ومعارض تسوُّق وغيرها من المفردات التي تستهوي السائحين. وفي الآونة الأخيرة عملت بعض الدول الخليجية على التركيز على السياحة الداخلية من خلال استحداث بعض المناشط وتحويلها إلى تلك البيئات التي اعتاد عليها المواطن في الدول التي يحرص على زيارتها في كُلِّ عام، وذلك من خلال الاستفادة من تلك المُقوِّمات السياحية وتسخيرها لتكونَ جاذبة للسائح المحلي قبل الخارجي، وبالتالي تضمن بنسبة كبيرة تنشيط الاقتصاد والتجارة وتوفير عائد مادي لخزانة الدولة كان في السابق مفقودًا، وعلى الجانب الآخر سياحة أقل كلفة وأكثر فائدة للمواطن، وإتاحة الفرصة له للتعرف عن قرب على بلده ومساهمته في دخلها القومي الذي تسخره الحكومة لتأمين المزيد من الخدمات له.
فإلى حدٍّ بعيد نجحت بعض دول الخليج في ربط المواطن ببلده من خلال دراسة ما يدفعه إلى السياحة الخارجية وتأمينها له في الداخل، واستغلال العديد من المناطق وتحويلها إلى مزارات سياحية بحرية وجبلية وصحراوية بعد أن وفرت فيها كُلَّ الخدمات الأساسية والضرورية، وقدَّمت الحوافز التشجيعية وكثَّفت من حملاتها الإعلامية، حتى شعر المواطن بأنَّ السياحة الداخلية واجب وطني تقتضيه المصلحة العامة، ممَّا أدَّى ذلك ـ بطبيعة الحال ـ إلى انخفاض في مؤشر السفر إلى الخارج خلال فترة الصيف أو حتى المناسبات الأخرى كالأعياد وغيرها وارتفاع مؤشر السياحة الداخلية. نعم ربَّما ذلك أثَّر على بعض الدول في هذا الجانب، إلَّا أنَّ كُلَّ دولة لا بُدَّ أن تنظر إلى مصالحها وتعمل على تحقيقها بالطُّرق التي تتناسب مع توجُّهها الاقتصادي والاستثماري.
نحن في سلطنة عُمان لا شكَّ في أنَّ خريف ظفار يُمثِّل أحد أهمِّ المرتكزات والمُقوِّمات السياحية، إلَّا أنَّنا حتى الآن لَمْ نحسن استغلاله الاستغلال الأمثل على الأقل في إطار تشجيعنا للسياحة الداخلية، حيث نتعاطى معه على استحياء. نعم هناك محاولات تبذل من بعض الجهات، لكن تبقى دُونَ مستوى الطموح الذي يتطلع إليه السائح. وإلى جانب ذلك هناك مناطق يكاد يكون صيفها شتاء نتيجة ما تشهده من انخفاض في درجات الحرارة ولعلَّها تكون وجهة سياحية مستمرة ليس في فصل الصيف وإنَّما في كُلِّ فصول العام. ولقد تبنَّت الحكومة قبل فترة إعلانًا دعائيًّا «السياحة تثري» نعم تثري إلَّا أنَّ ثراءها ليس شعارات ترفع وإنَّما واقع يترجم على أرض، كما أنَّ الجبل الأخضر هو الآخر يُمثِّل مزارًا سياحيًّا طوال العام ويُعدُّ ثروة وطنية في هذا الجانب؛ لِمَا يحمله من خصوصية ينفرد فيها بطبيعته الخلابة وطقسه المعتدل صيفًا وشتاء، فلنسرع الوتيرة في إنعاش الحركة السياحية من خلال الاستغلال الأمثل لتلك المُقوِّمات المتعدِّدة والمتنوِّعة في الطبيعة والطقس.
طالب بن سيف الضباري
dhabari88@hotmail.com