الأربعاء , أكتوبر 9 2024
أخبار عاجلة

رقرقة دموع

الإنسان بطبيعتة السيكولوجية والفسيولوجية يميل لحب الذات أكثر من أي حاجة، ولديه نهم شهي نحو تملك المال. قال الله تعالى في سورة الفجر:{وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا (20)، ويسعى وفق تركيبته الربانية لأن يملك الكون بأكمله.

وهناك من الناس من لا يعرف أبوه وأمه وابنه وأخوه لأجل الإستيلاء وتملك المال بطريقة شرعية أو ملتوية؛ فالمهم لديه أن يحقق مراده مهما كلفه من أمر فيه مخالفة – الخالق عز وجل – فتجده يكذب ويجامل وينافق، ويحلف بالله لكي يصدقه الآخرون وينال مراده من حب المال.

حالات ونماذج عديدة من الناس تلبس أقنعة الرجل الصالح لتحقيق مآربه الشخصية، والمجتمع للأسف الشديد يساعده ويسهل مهامه للوصول لمراده من ذلك التصنع، فالناس والمجتمع لا يهتم ما يضمره صاحب القناع في قلبه من أمور للإستحواذ على أكبر نصيب من النقود.

أؤلئك الناس لا يعيرون أدنى اهتمامًا للمحتاجين؛ بل ربما يحاربوهم ويتحدثون عنهم بسوء، ولا يحثوهم على الكسب الحلال وأن يبحثوا عن عمل مهما كان نوع العمل.

غريب طبائع الخلق يتفلفسون بطلاقة عند الحديث على غيرهم وينسون أنفسهم، وهنا يقول الحق تبارك وتعالى في سورة البقرة : {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ ۚ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (44)}. وهناك مثل شعبي متداول يقول؛ “إذا سلمت ناقتي ما عليّ من رفاقتي”.

تلك ما تسمى الواقعية عند ذلك الإنسان صاحب النفوذ والجاه والمال؛ فهو يمتلك صحة جيدة وعنده المال الوفير، وجميع أفراد أسرته في صحة تامة، فما شأنه هو في الآخرون أن كانوا جياع أو بدون مأوى، ويقول كذلك في قرارة نفسه “أموري طيبة في دنياي وأؤدي وواجباتي الدينية في وقتها”.

في حالته هذه لا يرى وراءه ولا ينظر ولا يتلفت لأحد سوى للسعادة التي يمتلكها، وبها كافة أنواع مقومات الحياة الرائعة من منازل وسيارات فاخرة ومال وبنون، وما بين هذه النماذج من الناس وتلك هناك فئة أخرى ذات المستوى المتوسط من الرفاهية، ولديها ما يكفيها لتعيش حياة هانئة.

كذلك هناك عينات من الناس التي تتعاطف مع الناس الفقراء بنظرة كبرياء وكبر مقيت؛ فتجدهم يسعون في مساعدتهم رغبةً في توصيل رسالة لأصحاب الربع رغيف هي أننا نحن أفضل منكم ونعطيكم ونمن عليكم من جيوبنا، ونسوا قوله تعالى في سورة يس: {فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (83)}.

وهناك من يتغنى بقوله “أن الفلوس ليست كل حاجة، وأن القناعة كنز لا يفنى والسعادة الحقيقية؛ هي التمتع بنعمة الصحة بغض النظر عن ما يمتلكه من ثروات وغنى فاحش”؛ فلينظر ذلك الإنسان المثالي في حالات الناس التي لا تمتلك قوت يومها، وكذلك في الذين يعيشون على نصف رغيف كل يوم، ماذا خلفت لهم تلك الحياة من أمراض عديدة أغلبها أمراض نفسية خطيرة؟!.

نعم، حقيقة وأتفق أن المال له دورًا وتأثيرًا فاعلًا في الحياة الدنيا ولا يمكن لأحد أن ينكر هذه الحقيقة الدامغة للحق.
ولهذا إن من يملك الثروات والغنى الفاحش عليه أن يتذكر أنه محاسب على تلك الثروات الكثيرة، وإن كان يتمتع بجميع مقومات الحياة السليمة هو وعائلته، فعليه أن يدرك يقينًا أن الخالق عز وجل يمهل ولا يهمل.

همسة:
مميزون في التمثيل ومبدعون في خلق الأوهام والأكاذيب، ورائعون في التصنع والمديح، وبارعون في خدمة مصالحنا الشخصية، وفنانون في صنع تماثيل لبعضنا من أجل الوصول لأهدافنا مهما كانت السبل، المهم والأهم الحصول على ما لذ وطاب من الحياة.

وقبل الختام لنسأل أنفسنا سؤالًا، هل الغنى والثراء الفاحش يخلد معنا عند الموت؟
فمن وجهة نظرنا وجوابنا هو؛ عندما ندرك أن نهايتنا من الحياة قصيرة مهما عشنا فيها من سنوات طوال؛ عندها ستكون الإجابة قطعًا، لا.

شاهد أيضاً

ولنا كلمة مدارس تصنع قادة

يعَد التعليم الخاص أحد الروافد المهمة في دعم مسيرة التعليم، وإيجاد تعليم مساند أكثر استجابة …