انبهرت شخصيا من الثروة المعلوماتية التي توفرها البنية الوطنية للمعلومات الجغرافية للقطاعين العام والخاص والمستثمرين وحتى الأفراد واتساع نطاق استخدامها في مجالات التخطيط والتنمية المستقبلية والاستثمارية وغيرها من الجوانب وفقا لاختصاصات كل جهة أو رغبة كل مستثمر فهي تغني الجهات عن طلب المراسلات الكتابية والأخذ والرد والموافقات من خلال نقطة وصول مركزية للجهات والأفراد والباحثين للتعرف على المعلومات المكانية المحدثة والموثوقة والمتوفرة في قاعدة بيانات مكانية تضم مجموعة واسعة من البيانات والمعلومات، بالإضافة إلى أنها توفر خدمة الخرائط التي تسمح لزوارها بالاطلاع على هذه المعلومات واستخدامها على أجهزة الحاسوب لديهم وتخزينها وتحديثها ومعالجتها وتحليلها وعرضها، بالإضافة إلى عدد من التطبيقات المكانية الذكية التي تمكن جميع المستفيدين من الاستدلال على المواقع المقصودة مثل المنشآت الحكومية أو محطات تعبئة الوقود ومكائن صرف النقود أو العيادات والمراكز الطبية وغيرها بشكل سريع وسهل، والوصول إليها عن طريق خرائط ذكية يتم تحميلها على كافة أجهزة الهواتف الذكية.
الأمر الذي يثير التساؤل والاستغراب حول عدم استفادتنا من هذه الثروة المعلوماتية بنحو أمثل في العديد من الاستخدامات الحكومية فهي كفيلة بتسهيل واختصار الوقت والجهد فضلا عن اختزال المراحل، فالمعلومة هنا عالية القيمة والثمن.
إن تقنية نظم المعلومات الجغرافية بالسلطنة تعد الأولى على مستوى دول المنطقة فقد اعتمدت منذ عام 1988، لاستخدامها في الجوانب التخطيطية للأجهزة الحكومية وإنتاج البرامج والبيانات المكانية اللازمة لدعم المشاريع الائتمانية وإعداد خطط التوسع العمراني لتلبية احتياجاتها الخاصة لدعم متطلبات الخطط التنموية، وعملت إستراتيجية البنية الوطنية للمعلومات الجغرافية إلى توحيد البيانات بين الأجهزة الحكومية بدلا من تشتتها بين العديد من الجهات وإعطاء معلومات غير دقيقة وغير متسقة مع غيرها بالأجهزة الحكومية.
فالبنية الوطنية للمعلومات الجغرافية هي مبادرة حكومية اضطلع بها المركز الوطني للإحصاء والمعلومات لوضع المعايير الجغرافية والمكانية والسياسات والترتيبات المؤسسية والبنية التقنية اللازمة لتنسيق الجهود وتسهيل دعم و تبادل المعلومات الجغرافية واستخداماتها المتعددة. من قبل الجهات الحكومية لتسهل في اتخاذ القرار وتبيان إمكانية إقامة هذا المشروع أو ذاك والتراخيص المطلوبة من عدمه وفق الإحداثيات والبيانات الموجودة في التطبيقات البيانية الدقيقة، وبالتالي تعد الأفضل في تقديم المعلومات المتكاملة لمختلف الاستخدامات في السلطنة.
اليوم على سبيل المثال حددت وزارة البيئة والشؤون المناخية المحميات الطبيعية والبيئية وغيرها من الأماكن المحظور قانونا الاقتراب منها أو المساس بها لأي غرض كان، فأي جهة حكومية أو شركة أو مستثمر يرغب في إنشاء مشروع أو منشأة تجارية يمكنه الاطلاع على المكان من خلال التطبيق ومعرفة ما إذا كان هناك أي حظر أو اشتراطات حول المشروع بكل سهولة ويسر عبر التطبيق.
نأمل في تعظيم الاستفادة من البنية الوطنية للمعلومات الجغرافية من قبل الجهات الحكومية في أعمالها الميدانية وفي إنشاء المشروعات التنموية وإيصال الخدمات لما يمثله ذلك من أهمية كبيرة في اختصار الوقت والجهد والمال، كما يبلور عمل منهجي تخطيطي عال المستوى يسهم في التخطيط السليم، بل يساعد بشكل أكبر في توفير الجدوى الاقتصادية لإقامة المشروعات الاستثمارية وفق قاعدة بيانات دقيقة وموثوق بها.
علي بن راشد المطاعني