الخميس , نوفمبر 21 2024
أخبار عاجلة

نوافذ: بين نخيل عمان وزيتون فلسطين

بين نخيل عمان وزيتون فلسطين تمتد روابط الود متدثرة بالنقاء والمحبة، ويمتد معها التاريخ الذي يربط بينهما منذ ما قبل الميلاد، فقد كانت القوافل العمانية تنيخ ركابها على شواطئ البحر الأبيض المتوسط بالقرب من حواضر بيت لحم يافا وحيفا وصيدا وصور ذلك الساحل الذي كانت تستوعب مدنه ما تحمله القوافل العمانية من لبان لكنائس بيت لحم، ومن توابل وأنسجة وغذاء تذهب بعضها عبر السفن إلى أوروبا، وهي الموارد التي شجعت الامبراطوريات القديمة والحديثة على غزو الشرق؛ بسبب ما يتمتع به من موارد، بل تعدى ذلك إلى محاولة الاستيلاء على البلدان.
وفي التاريخ أيضا امتدت الهجرات من فلسطين والشام إلى جنوب وشرق الجزيرة العربية والعكس، وهي التي ازدهرت فيها المراعي والمياه واعتدال الطقس، وتواصلت الحضارات بين البلدين حتى العهد الحالي الذي توثقت فيه أكثر من أي وقت مضى، مرورا ببعض الزيارات لسلاطين عمان لفلسطين في ثلاثينات القرن الماضي.
عبر التاريخ استطاعت العلاقات أن تكون نموذجا للقربي وعنوانا للسند والعون في كل المحافل، وعندما يزور ضيف عمان الكبير فخامة الرئيس الفلسطيني محمود عباس بلده عمان فإنه يعطي فسحة من التشاور مع أخيه حضرة صاحب الجلالة السلطان المعظم الذي يشغل باله الشأن الفلسطيني، ولم يغب عن تفكيره يوما، من أجل حياة أكثر سعادة وازدهارا لأشقاء جار عليهم التاريخ، ولم ينصفهم، ولم يعد لهم حقوقهم المسلوبة منذ أكثر من 70 عاما. ومؤكد أن اللقاء حفل بالكثير من الأفكار والطروحات حول إيجاد أفضل السبل للوصول إلى حل دائم يضمن قيام الدولة الفلسطينية.
بين عمان وفلسطين الكثير من القواسم المشتركة التي يبنى عليها مستقبلا، في مسارات تجارية وسياسية واستثمارية وتعليمية وتبادل للخبرات، وبينهم الأمل المشترك الذي يحلم به كل عماني وعربي بإعلان الدولة الفلسطينية، وبينهم الدم والدين واللغة والروابط الاجتماعية وبينهم من الأشقاء الفلسطينيين حملة مشاعل العلم الذي أناروا في بداية النهضة المباركة دروب المعرفة لطلبتنا الباحثين عن التعليم الذين هم اليوم القيادات التي تبني عمان، وبعضهم من شارك في تكلف بمسؤولية إدارة الحكم المحلي من قضاة وولاة وسفراء.
عندما وطأت قدماي في العشرين من أكتوبر2013 أرض فلسطين، وهي تصادف مثل هذه الأيام بالضبط التي قضينا فيها مع وفد من جمعية الصحفيين العمانية 8 أيام متنقلين بين مدن رام الله ونابلس والخليل والقدس والأغوار وجنين، أدركت لماذا تكالبت الأمم تاريخيا على أرض فلسطين، ولماذا سالت الدماء بدءا من قصة صلب المسيح حتى يومنا هذا، وأدركت مدى الأطماع التي حاصرتها شرقا وغربا وبرا وبحرا، وأدركت أن فلسطين استطاعت أن تنجو من كل المكائد والحروب وخرجت منتصرة وأذهلت من حولها، وهي قادره أن تعيش ألف مرة في نفس الظروف، وأن تغتال ألف مرة، وتعود لتحيا من جديد.
وأنا ادخل أرض فلسطين، شممت رائحة الأنبياء الذين ولدوا وعاشوا وجاؤوا وبعثوا من فلسطين، والشهداء الذين حملوا أرواحهم على أكفهم منذ أن استعادها عمر بن الخطاب، وتذكرت معارك صلاح الدين الأيوبي والأبطال الذين أكلموا المسيرة من بعده بالسيف والقلم.
وزرت المسجد الأقصى الذي صلينا فيه الجمعة الأخيرة من أكتوبر خلف الإمام، وتجولت في أزقة القدس وحاراتها وتنفست عبق التاريخ، ومشاركتنا في العرس المقدسي في تلك الليلة الذي كنا جزءا من أهازيجه، وحضرنا فرحة الأفراح عن الدفعة الثالثة من السجناء الفلسطينيين عند الساعات الأولى من الفجر، وسط فرح غامر وخروج صاحب الـ32 عاما خلف زنازين الاحتلال.
أدركت أن هذا الشعب في مدن الضفة وقطاع غزة والشتات لن يقهر، بل سيقهر محتليه الذي استنفد كل الحيل، وجرب معه كل الأساليب لكسر إرادته، وتذكرت معها كلمات الراحل ياسر عرفات الذي قال عنهم واصفا صبرهم: «بشعب الجبارين».
المؤكد من تجارب التاريخ أن الحق سيعود لأهله يوما وإن طال الزمن، كما هي في أساطير التاريخ، وستعود فلسطين منتصرة مثل كل مرة، وسنصدح في سهولها وتحت كروم عنبها وظلال زيتونها بالمواويل، وسنصلي في قدسها التي عرج منها الرسول الكريم «ص»، وسنقف على شواطئها نتنفس الحرية.

سالم بن حمد الجهوري
salim680@hotmail.com

شاهد أيضاً

محافظة جنوب الباطنة تستعد لاستضافة الملتقى الصحفي بالتنسيق مع جمعية الصحفيين العمانية

عقد سعادة المهندس مسعود بن سعيد الهاشمي، محافظ جنوب الباطنة، اليوم لقاءً مع إدارة مجلس …