فايزة الكلبانية
faizaalkalbani1@gmail.com
(1)
كثيرة هي البرامج التي تستهدف صنع القيادات لتهيأتهم لإدارة المؤسسات وتحقيق إنتاجية وأرباح، وبيئات عمل جاذبة للعطاء والاستثمار، وقد نجد القيادات التي يشار إليهم بالبنان، ونقدم لهم أوسمة التكريم تقديرا وعرفانا على جهودهم المبذولة.
لكن في الجانب الآخر اليوم لابُد أن نبحث وبشكل مكثف عن القيادات المُنجزة والمُحفزة والواعدة من أصحاب المؤهلات والعقول والتخطيط والإنجازات المشرفة والمتدرجة في بيئة أعمالها ومشهود لهم بالتميز بعيدًا عن المُجاملات بكل أنواعها، وإلا ستكون اختياراتنا سببًا في إخفاق المؤسسات، بإدارتها وموظفيها وتراجع إنتاجيتها وتخبط سير أعمالها والركود والنفور الذي قد يطرأ عليها من المُتعاملين معها. لذا الوقت اليوم سانح لتعيين قيادات حقيقية جادة ومُنتجة؛ لكون البعض من قيادات مؤسساتنا تغلب عليهم “الأنا” و”المحسوبيات” و”نفاق المجاملات” و”سرعة التأثر بالقيل والقال”، والبعض من أصحاب القلم والمنصب يعتمد على تقريب أصحاب “اللسان المعسول” في ظل تراجع الإنتاجية منهم أو لكونهم لا يُشكلون خطرا عليهم وغير منافسين لهم على الكرسي، ضاربين بأصحاب العقول والكفاءات عرض الحائط تحت وطأة التهميش والنسيان كي لا يسمع لهم صوت ولا ينافسونهم على الكرسي، مما يضطر هؤلاء للاستقالات أو البحث عن مصدر رزق آخر يقدر عقولهم ورغبتهم في الإنجاز والتقدم والعطاء بعيداً عن ألسنة الخائفين من المنافسة الشريفة بهضم الحقوق ودس السم في العسل دون أن يشكلوا أية قيمة مضافة لمؤسساتهم سوى تفرقة روح الفريق وهمهم التخلص من الناجحين حتى تخلو لهم الساحة في ظل تراجع الأرباح والإنتاجية.
(2)
قد نعيش في بيئة عمل حيوية مُمتعة رغم ضغوطاتها وكثرة متطلبات الإنجاز فيها للاستدامة والإنجاز، لكن كوننا نعمل فيها بشغف وحب وتقبل وتقدير حتى ولو كان العائد لا يُقارن أحيانا بقوة الإنجاز، إلا أننا نكون في رضا وتقبل لكل هذه المُتغيرات لكوننا نجد بيئة عمل جاذبة تتميز بقائد يعمل على تطوير مؤسسته وفي ذات الوقت يحرص على تطوير موظفيه إيمانا منه بأن نجاح المؤسسة لابد أن يواكبه نجاح باهر لمن يعملون على هذه الإنجازات.
(3)
“ثقافة الإنجاز”.. إحدى الأولويات التي لابُد من تعزيزها؛ لتكون حاضرة في أجندة جميع المؤسسات الحكومية والخاصة كمؤشر قياس الأداء للموظفين، وترسيخها كثقافة تحفيزية سواء على الصعيد العملي أو الشخصي، ولا سيما وأننا على مشارف رحيل العام 2021، لنستقبل عاماً جديدًا حافلاً بالأهداف والطموحات. لكن غالبًا ما اعتدنا جميعناً أن نقف وقفة مع أنفسنا لنعيد حسابات الأيام وقائمة الإنجازات والخطط الطموحة لتقييم ما تمَّ إنجازه، وترحيل ما لم يسعفنا الحظ والأقدار تارة في تحقيقه، لنقيس أداء أنفسنا وفقاً للمعايير التي وضعناها لتحقيق أهدافنا المرسومة في أذهاننا، والمدونة في سجلات قائمة أولويات أعمالنا اليومية، ونفرح بما أنجزنا.. ونُعيد ترتيب أولوياتنا فيما لا يزال في قائمة الانتظار ليكون على رأس إنجازاتنا للعام المُقبل.
(4)
والشيء بالشيء يُذكر؛ حيث طالعتنا وسائل الإعلام خلال الأيام القليلة الماضية باستعراض جلالة السلطان المعظم- أعزه الله- في الاجتماع الأخير لمجلس الوزراء نتائج تقييم أداء المؤسسات الحكومية لعام 2020/ 2021 والجهود المبذولة من كافة القطاعات لتجويد الأداء وتقديم خدمات أفضل لمواكبة التطورات وتحقيق الصالح العام. فجاءت التوجيهات السامية بإنشاء وحدة مُستقلة تتبع جلالة السُّلطان لقياس أداء المؤسسات الحكومية وضمان استمرارية تقييمها واقتراح آليات رفع كفاءتها، مع قياس جودة الخدمات ورضا المستفيدين منها. كما وجه جلالته بإنشاء وحدة لدعم واتخاذ القرار تتبع الأمانة العامة لمجلس الوزراء، وذلك بهدف رفع مستوى الأداء من خلال تعزيز كفاءة صنع القرار… هنا نستبشر خيرًا بتعزيز ثقافة الإنجاز والعمل القائم على الإنتاجية.
(5)
اليوم نشعر أنَّ أيام الأسبوع تمر سريعة ما إن نستقبل يوم الأحد إلا ونجد الخميس الونيس قد عاد من جديد، ولذا لابُد أن ندرك أننا لن نستطع أن ننجز كل شيء دفعة واحدة، وينبغي ترتيب الأولويات، ولنضع شعارنا مثلما جاء في كتاب روبرت بودش “كيف تنجز أكثر.. في وقت أقل”، وذلك من خلال التفكير والتخطيط والتنظيم والبدء الفوري في التنفيذ، ولابُد من تعزيز ثقافة التكريم والإنجاز، وروح الفريق واحتواء المواقف، وأن يكون القائد أكثر حنكة وذكاءً ودهاءً لتقييم الأمور ولا سيما في حالة وجود الخلافات وعدم التَّوافق بين أعضاء فريق العمل؛ ليُعيد التوازن بطريقته في موازنة الأمور بدون مُحاباة بينهم، ويكون مقياس التفاضل وقياس الأداء بينهم الإنتاجية والإنجاز والالتزام بأخلاقيات العمل وليس المحسوبية والمُجاملات أو الاستسلام لناشري التفرقة بين الفريق.