بقلم : علي بن راشد المطاعني
يتداول الكثير من رواد مواقع التواصل الاجتماعي ، شائعات غير دقيقة لأخبار رسمية لا أساس لها من الصحة ، مستغلين الحرية الإعلامية المتاحة في البلاد ، وحالة عدم وجود تنظيم لتلك المواقع الاجتماعية في السلطنة كما يحدث في بعض دول العالم ، وهو ما يوفر بيئة خصبة لتداول تلك الشائعات ، الأمر الذي يؤجج التوتر ويثير الفتن ويهيج الرأي العام بين الحين والأخر ، كما يعمل على إحراج الحكومة أمام المجتمع إذ الشائعات تزعم بوجود إعلان عن توجهات أو أوامر وغيرها ، واقع يخلق حالة من الترقب في الشارع وكأن الأمر قد صدر فعلا وعلى الجهات المعنية سرعة تنفيذه فقط .
والأدهى والأمر في كل ذلك هو أن البعض يزج باسم حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق ـ حفظه الله ورعاه ـ وإطلاق شعارات بالونية على نسق (الخير جاي) و (الأمور بتمشي) إلى غيره من المثيرات ذات الألوان الفاقعة لكي تضفي مصداقية كذوبة على ما يتم ترديده من الشائعات المغرضة وهو ما يجرمه القانون ، وفي إطار الحقيقة المثلى فإن الخير جاي فعلا ولكن بإتباع الصدق والنزاهة في القول والفعل والعمل ، ولينال بعدها بركة الله عز وجل وتوفيقه ، فالحكومة ماضية على قدم وساق نحو تحقيق الأهداف الوطنية المعلنة والمعروفة وهذا ليس بسر ولا نحتاج لأن يُقدم لنا على أطباق الشائعات الضبابية تلك. اقرأ أيضًا: أزمة بين الإعلام والشورى !
وفيما بعد إنفضاض السامر ، يتبين بأن كل تلك المزاعم مجرد (هراء) يتردد ، وتهمس به في الليالي الداجية شياطين الإنس ليس إلا ، وأنه لايمت للواقع بصلة لا من قريب ولا من بعيد ، الأمر الذي يفرض على الدولة أن تعيد النظر في هذه الجوانب والعمل على تنظيم آلية استخدام تلك المواقع كغيرها من وسائل الإعلام التي تلتزم بالمصداقية في التعاطي مع مثل تلك الأخبار الحساسة وللحد من تلك التجاوزات الهدامة.
لقد أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي واقعا حيا يجب التعامل معه وتنظيمه مثل غيره من وسائل الإعلام لما يشكله من خطورة تتطلب التدخل وسن القوانين التي تؤطر استخدامها والالتزام بمسؤولية نشر وتداول الأخبار التي تحتم الدقة في بثها وما تحمله من بيانات إعلامية وعدم إشاعة أمور غير دقيقة بهدف زيادة المتابعين تارة ، ولفت الانتباه تارة أخرى كما يفعل البعض ، إلى غير ذلك من ممارسات أضحت لها تأثيراتها السلبية على الفرد والمجتمع .
إن دول الخليج وغيرها من دول الشرق الأوسط عملت على تنظيم الإعلام الاجتماعي كغيره من الأوعية الإعلامية باعتباره أداة من أدوات التأثير على الرأي العام يجب أن يلتزم بضوابط واشتراطات معينة في التعاطي مع الواقع ، لذلك نرى بأن هناك انضباطا في وسائل التواصل الاجتماعية بعد أن استشعرت هذا الخطر، فلم تعد تعمد للزج بدولها في قضايا جانبية ومحرجة أمام الرأي العام ، كما أنها لم تؤثر سلبا على العامة وتستغل الفرد والمجتمع بشكل غير إيجابي ، فأصبحت مسؤولة عن كل كلمة تكتبها في حساباتها الاجتماعية على اختلافها.
فحتى المغردين هناك تم تسجيلهم في سجلات المؤثرين ، حيث إذا تعدى حساب أي منهم عدد معين من الآلاف يتم فرض رسوم سنوية عليه ومحاسبته على كل كلمة يبثها إذا خرجت عن نظام الدولة العام أو خدشت الحياء أو حتى لو روجت لشائعات مغرضة ألخ ، لذلك نلاحظ أن الإنضباط في وسائل التواصل الاجتماعي أصبح واضحا ومنسجما مع توجهات الدولة دون أن ينزلق في متاهات الإثارة والشائعات والفتن.
في حين أن استخدام وسائل الاتصال الاجتماعية في بلادنا أصبح سخيفا وبقدر وصل معه للزج باسم القيادة في مواضيع عامة بهدف التأثير على المجتمع وجذب الانتباه كما أوضحنا ، ولعل تلك الإشاعة التي تداولها البعض وما قيل بشأن عقد (مؤتمر صحفي أمس الأحد ) تثبت مدى تعاملنا الغير الجاد مع وسائل التواصل الاجتماعي.
بالطبع نتفهم معنى الحرية الإعلامية في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي ونعي جيدا بأننا نعيش في عصر السماوات المفتوحة كما يقال ، لكن كل ذلك شئ والإعلام المسؤول والنزيه شيئا آخر، وإعطاء المعلومة ببثها أو نشرها مسؤولية أخلاقية كبيرة يجب أن يحاسب عليها الجميع ، سواء المطلعين على أخلاقيات الصحافة والإعلام أم غيرهم.
نأمل من وزارة الإعلام إعادة النظر في تلك القضية المهمة وتنظيم الإعلام الاجتماعي ووضع ضوابط له كغيره من الوسائل الإعلامية وتقنين عمل المغردين بوضع نظم تؤطر تأثيرهم غير الإيجابي على الفرد والمجتمع ، فالمرحلة الحالية لا تحتمل المزيد من التهريج واللعب بمشاعر المجتمع كفاية (هرج) و (مرج) ، تحت مسمى الحرية الإعلامية التي لا يعيها الكثيرين ويتلاعب البعض بها كيفما يشاء ، ووقتما يشاء ..