بقلم : سعدون بن حسين الحمداني / دبلوماسي سابق
يتفاخر الدبلوماسيون من مختلف المدارس الدبلوماسية الأجنبية حول طبيعة بروتوكول وإتيكيت نظام إستقبال الضيوف سواء على المستوى العائلي الشخصي أو على مستوى الوفود وكبار الشخصيات ، وكيف يتبارون في وضع المراسم والخطوات التي تبدي أعلى مراحل الاستقبال سواء الشعبي منها أو لكبار الشخصيات وكذلك طبيعة ومستوى إكرام الضيف وكلا حسب مستواه وطبيعة العلاقة معهم ويبدأ إتيكيت الأستقبال وإكرام الضيف من قبل الأستقبال أو الوصول وذلك بارسال جدول الزيارة بالتفصيل حتى في بعض المدارس الاوربية يسال الضيف عن ما الذي يحب وما الذي يكره سواء في الاكل او الزيارات رغبة منهم في إكرام الضيف والوصول الى خدمة سبعة نجوم بالضيافة وليس فقط الأكل حيث ترى الأبتسامة وحلأوة الروح والبشاشة ورحابة الصدر التي تميزت بها المدارس الدبلوماسية ويتفاخرون بأنهم هم من الأوائل في هذا المجال.
إنّ القرآن الكريم تحدَّث عن هذا الموضوع، وتناوله بشيءٍ من التفصيل والعُمق منذ نشوء الدعوة الإسلامية المباركة؛ فإن بروتوكول وإتيكيت أستقبال واكرام الضيف أستخدمها القرآن في كثير من المواضع ونحن أهل هذا الكرم واساس اتكيت استقبال واكرام الضيف وكان رسولنا الكريم – صلّى الله عليه وسلم – يحث على هذا النسق الراقي في الحياة.
وأول هذه القواعد وكما عرفنا عند المدارس الدبلوماسية أن يكون الضيف دائما على جهة اليمين سواء في المسير أو الجلوس بينما هذه القاعدة عندنا منذ الالاف السنيين، قال الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قَالَ: لِيَأْكُلْ أَحَدُكُمْ بِيَمِينِهِ، وَلْيَشْرَبْ بِيَمِينِهِ، وَلْيَأْخُذْ بِيَمِينِهِ، .. وفي حديث آخر وقصة واقعية يعطينا الرسول الكريم درساً تعتمده المدارس الغربية في إتيكيت الجهة اليمنى وضيافة الشخص حدثنا أنس: شَرِبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وِجَاهَهُ عَنْ يَسَارِهِ ، وَأَعْرَابِيٌّ عَنْ يَمِينِهِ، فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ شُرْبِهِ، قَالَ عُمَرُ: هَذَا أَبُو بَكْرٍ يَا رَسُولَ اللهِ، يُرِيهِ إِيَّاهُ، فَأَعْطَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَعْرَابِيَّ، وَتَرَكَ أَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ ، لكون الضيف كان يقف على الجهة اليمنى وإكراما له.
وفي القرآن الكريم بأن إكرام الضيف من سمات الاخلاق الاسلامية العالية التي أكد عليها في عدة مواضع وورد في كثير من الآيات الكريمة قال تعالى: هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إبراهيم الْمُكْرَمِينَ “24 الذاريات” وجاء بصفة التكريم للضيف والأعتناء به بأعلى درجات الأتيكيت من إحترام وتقدير وقال تعالى: فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاء بِعِجْلٍ سَمِينٍ {26}الذاريات وهو من واجبات إكرام الضيف وتهئية ما هو يليق بيه من أكل ومشرب ومكان وكل ماهو يفرح ويسعد الضيف، وحتى أن المضيف قبل أن يبدأ بالطعام يدعو جميع الحضور بالبدأ بالأكل كجزء من حسن الأخلاق بعد أن اذنوا له بالأكل قال تعالى:{فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ {27} الذرايات حيث كان المدرسة الاسلامية ورسولنا الكريم يطبق هذه القاعدة قبل الالاف السنين والان نراها تدرس في المدارس الدبلوماسية على مختلف انواعها، يجب ان يبدأ به الضيف اولاً والبقية على شرف الحضور..
قال تعالى: ﴿ ….. وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ [الأحزاب: 53وهو درس الهي للجميع من الاية توجه الضيف بان لايطول في الجلوس بعد الطعام لان كثير من الدعوات يبقى الضيوف بعد وجبات الاكل الى ساعات طويلة وهذا مما يزعج المضيف وقد يكون ملتزم بنشاط اخر أو مريض او لديه اطفال “فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا“
وفي اكرام الضيف مما يكن من منزلة اجتماعية كبيرة او صغيرة مهمة او غير مهمة قال تعالى: “وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ” يوسف 21 وهو واجب أجباري في اكرام الضيف بدون النظر على المستوى الاجتماعي، وعلى المضيف أن يجود بكل ما عنده في سبيل اكرام الضيف وقال تعالى: “وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ” الحشر: 9 وهذه الآية الكريمة نزلت بالأنصار عندما فقام رجل من الأنصار يقال له أبو طلحة، فانطلق به إلى رحله، وقال لامرأته: أكرمي ضيف رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم:جودي بالاكل والشارب للضيف، نوّمي الصبية، وأطفئي المصباح، …رغم بساطتهم ففعلت فنـزلت الآية أعلاه وهي قمة الاخلاق الاسلامية واعلى صفات الكرم واستقبال الضيف بهذا المثل الراقي .
وفي المدرسة النبوية الشريفة في موضوع من آداب الأستقبال والتوديع كان رسولنا الكريم” :إن من سنة الضيف أن يشيع إلى باب الدار” وهو ما تؤكد عليه المدارس الدبلوماسية في طبيعية الاستقبال والتوديع قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا خير فيمن لا يضيف” حيث يعتبر اكرام والاهتمام بالضيف من مكارم الاخلاق والضيافة ليست بالاكل والاشربة وأنما بكل مفردات الضيافة من حسن الترحيب والاهتمام فيه لحين المغادرة ، أما صفة الوقوف للضيف فكانت السيرة النبوية ثريه بهذه الصفة وقد قام النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة عندما دخلت عليه وهي ابنته، وقامت له رضي الله عنها عندما دخل بيتها، وقام الصحابة رضي الله عنهم عندما دخل عليهم رسولنا الكريم، وقد نبهه الاسلام بعدم القدوم او زيارة بدون اعلام صاحب الدار وصاحب الشان ولا ينبغي أن يفاجئ أهل البيت، بل يخبرهم قدر الإمكان بعزمه على زيارتهم” وقت الزيارة وغرض منها وان امكن مدة المكوث “، حتى يصلحوا من حالهم في أنفسهم وفي بيوتهم، ويستعدوا لاستقباله ومن مكارم الاخلاق في الدعوة الاسلامية على الضيف أن لايسال عن نوع وطبيعة الاكل وأن يجلس بالمكان الذي يخبره المضيف ولا ينتقد الطعام او المكان او ملابس الضيوف ويستهزئ في أمور الحديث ولا يناقش في أمور تجلب الحساسية سواء في “السياسية او الدين” ولا يطيل في الجلوس بعد الدعوة ولا يجلب معه أشخاص دون دعوة فيسبب إحراج للمضيف وفي الختام وعن الامام علي قال : لأن أجمع إخوان على صالح طعام أحب إلىّ من أن أعتق رقبة وهذه هي مدرسة الرسول الكريم وآال بيته الكرام وصالح الطعام ليس بالكثرة والتنوع الكثير زانما بما يجود بيه الشخص.