مقال: ناصر بن حمد العبري
تلعب السبلة العُمانية دورًا مهمًا وبارزًا في حياة أفراد المجتمع في غرس روح التآلف والتكاتف والتعاون والقيم الأصيلة والعادات العريقة وهي في حد ذاتها مدرسة ينبع منها فيض ومعاني الخلق الرفيع وسمات أواصر التواصل بين أفراد المجتمع.
ويزخر مجتمعنا العماني بمنظومة من القيم هي نتاج لموروثات ثقافية ودينية واجتماعية نسجتها التفاعلات السكانية على مر العصور بحيث اصبحت بواقعها وطبيعتها الثقافية مميزة للمجتمع العماني، وحتى تستمر تلك القيم الاصيلة كسمة مميزة للمجتمع العماني، لا بد من الحفاظ على هذا الموروث بمكوناته المادية والثقافية الذي أسهم في تشكيل تلك القيم والقائم على أسس العقيدة الاسلامية السمحة والتكافل والتعاون وتعتبر السبلة من أهم مظاهر الانشطة الاجتماعية المتصلة بالقيم العمانية والتي كان لها دورا بارزا في توجيه مسار الحياة العامة والتفاعلات اليومية والعلاقات الاجتماعية بين افراد المجتمع المحلي، فمن خلال الجلسات التي تعقد بها تتجلى القيم العمانية متفاعلة مع الاحداث التي يمر بها المجتمع المحلي، فتحت مظلتها يجتمع أهالي الحارة أو الحي أو القرية، يتقدمهم أهل الحل والعقد والرأي والمشورة يناقشون أمور حياتهم ومصالح مجتمعهم في الشدة والرخاء وفي الافراح والأحزان ويعملوا أبنائهم العادات والتقاليد وحب الوطن والسلطان والحفاظ على مكتسبات الوطن وفي حال نشوب نزاعات او خلافات اسرية او فردية، فيها تعقد جلسات الصلح بين المتخاصمين وتحل المشاكل بين الافراد او الاسر وفيها يجتمع الاهالي في المناسبات الاجتماعية او الدينية كمناسبات الزواج او اقامة العزاء وامسيات رمضان وافراح الاعياد، وفيها يستقبل الاهالي الضيوف ويتم الترحيب بهم واكرامهم، وفيها يتعلم النشء من خلال حرص الاباء واولياء الامور على اصطحاب ابنائهم للجلسات التي تعقد بالسبلة في مختلف المناسبات ملتزمين بأعراف معينة يتطلبها تواجدهم بين الحضور فيتعلم الاطفال من خلال تفاعلهم مع الحضور خاصة من يكبرونهم سنا اساليب التعامل والاحترام والسلوك القويم
وفي الوقت الحاضر نجد ان الأدوار التي كانت تقوم بها السبلة منذ القدم من خلال جلسات البرزة التي يقيمها الأهالي في توثيق البيوع والاتفاق والوفاق والصلح بين المتخاصمين وفض النزاعات وتوثيق حصص مياه الأفلاج من خلال انعقاد جلسات المقعودة وتوزيعها قد تقلصت في العديد من المناطق والتجمعات السكانية وبالتالي انحسرت تلك اللقاءات التي كانت تضم مختلف فئات المجتمع والتي تعتبر رافدا مهما واساسيا في نقل الثقافة العمانية من جيل لآخر،
وعليه ننادي ونناشد الجميع في عماننا الحبيبة سواء الاهالي من كبار السن والشباب بتفعيل دور السبلة اكثر لعودتها الى أداء ادوارها المعهودة و الاستفادة منها، كما ندعو المجالس البلدية في الولايات بتنفيذ مناشط بداخل السبلات العامة بحيث تأخذ صفة الاستمرارية كأن تكون ربع سنوية، وتشجيع وتحفيز الشباب على المشاركة في الاعمال بداخل السبلات العامة، وفي الختام أناشد أصحاب السعادة المحافظين والولادة في محافظات السلطنة الاهتمام والتوجيه في استخدام السبلة و المجالس العامة؛ وتوجيه أعضاء المجالس البلدية بالجلوس مع مختلف شرائح المجتمع وإقامة المحاضرات والندوات التي تغرص في نفوس الأطفال والكبار حب الوطن والسلطان وحث المجتمع على المساهمة في بناء ثقافة النشيء والحفاظ على مكتسبات الوطن