طالب بن سيف الضباري:
مع الاندفاع الكبير والجري وراء ما يسمى بالتطوير والبحث عن اساليب جديدة للتعامل مع الاوضاع التي يعيشها الوطن في كافة المجالات، اقتصادية واجتماعية وغيرها من الامور الحياتية التي تلامس متطلبات واحتياجات المجتمع، يطلع بعض المسؤولين بتصاريح فيها الكثير من الاحباط الذي يؤدي الى زيادة تفاقم الاحتقان لدى افراد المجتمع، والذي يعيش منذ فترة حالة من الصراع مع أوضاعه المعيشية والاجتماعية، نتيجة سلسلة متتابعة من الاجراءات التي اتخذتها الحكومة لتدارك وقوعها في مطب ارتفاع الدين العام، ليكون المواطن هو المنقذ الذي قدر له ان يتحمل عبء ذلك الاخفاق في ادارة الاقتصاد واموال الدولة قبل ذلك، فهل فعلا لا نزال نفتقر الى رسالة ذلك المسؤول التي ترسل اشارات اطمئنان لوضع افضل قادم ينعم فيه المواطن بشيء من الاستقرار المعيشي والاجتماعي ؟ ام ان ذلك لم يحن بعد وان المسؤولين الذين يحملون ملفات خدمة المجتمع لا يملكون تلك الادوات لصياغة مثل تلك الرسائل المفرحة والمشجعة لزيادة جرعة الانتماء والايجابية بدلا من السلبية التي تشبعت بها وسائل التواصل الاجتماعي بانواعها المختلفة.
والسؤال المطروح هل المسؤول الذي تسند له حقيبة خدمية أولويته تحقيق نجاح شخصي ام وطني؟ فالملاحظ خلال العامين الماضيين لم نلحظ ذلك الانجاز الذي يسجل لمسؤول كان له اثره الايجابي في تغيير تلك النظرة السلبية من المواطن اتجاه الحكومة ، وانما نظرات سلبية متلاحقة لا يستثنى منها احد الا ما ندر، واذا كان السبب الوضع الوبائي او ازمة الاقتصاد العالمي فان هناك العديد من الدول تمكنت من تجاوز ازمتها دون تكبد المواطن لدفع فواتير باهظة ادت بالكثير منهم للعيش على الكفاف والاستغناء عن بعض الضروريات واساسيات الحياة، فمن همه ان يصلح منظومة خدمة خلال فترة وجيزة حتى ولو كان ذلك على حساب حاجة فعلية ملحة لمجموعة مواطنين اسهمت البيروقراطية المتبعة في تأخيره لاشهر ان لم تكن سنوات، كما ان المسؤول الذي يركز على اعطاء الاولوية لدفع الدين العام من فائض الميزانية يتبع نظرة محاسبية بحتة، لا يراعى من خلالها تبعات ذلك البعد الاستراتيجي والوطني، حيث ان البعض يرى بان استخدام الفائض من الايرادات في تحسين وضع المواطن اهم من دفع الدين، بعد عامين من الضغوطات على المواطن ووصوله الى مرحلة متقدمة من عدم الثقة بالحكومة وما تعمل عليه من خطط وبرامج، الى جانب تراجع بعض المستثمرين عن الاستمرار في الاستثمار وآخرها الصندوق الكويتي للتمويل لضحالة الفكر الاستثماري عند الجهات المعنية وعدم توفر مقومات الاستثمار خاصة في المواقع الهامة مثل الدقم والمناطق الصناعية الاخرى.
الامر الاخر والمتعارف عليه ان الاستثمار في الخارج كما يرى البعض يفترض ان يكون بعد الاكتفاء من الاستثمار الداخلي ، فطالما ان هناك مبالغ متوفرة للاستثمار لماذا لا يتم تدويرها في الداخل لتساهم في توفير المزيد من فرص العمل، الذي اصبح عملة نادرة لا يمكن ان يتحصل عليه بسهولة نظرا لضعف الاقتصاد وكذلك الاستثمار في المشاريع الحيوية وتوزيعها على المحافظات، فالاحصائيات التي تطالعنا بها بعض المؤسسات مع بداية كل عام عما انجز البعض يراها بانها لاتعكس ما هو محقق على ارض الواقع، فهي ارقام تمثل نجاحا شخصيا للمسؤول وليس الوطن جراء ملامستها لرضاء وقناعة المواطن، فالنهضة المتجددة اراد لها قائد البلاد ان تبدأ من حيث انتهت مسيرة الخمسين عاما للنهضة بقيادة القائد الراحل طيب الله ثراه، وليس العيش في جلباب الماضي، فالرؤية 2040 التي محورها الانسان منطلقاتها والتي اختير لها بعناية من يقوم على ادارتها يفترض ان تكون ذات مؤشر تصاعدي في تحقيق الانجاز ، الا ان الواقع حتى الان كما يراه البعض غير ذلك وان هناك إفلاسا في بناء منظومة موحدة تستهدف ذلك التغيير المرجو، فإلى متى سننتظر خطابا فعليا من مسؤول يغير الواقع الى الافضل ويعود ببوصلة المواطن الى الوطن، واعلام حكومي قادر على مراقبة الاداء يحترم عقل المشاهد فيما يطرح ويتخلص من خطاب العلاقات العامة وتلميع صورة المسؤول، ويتيح مساحة اكبر من حرية التناول والطرح للسلبيات والاخفاقات في مجالات الخدمة المتعددة .
امين سر جمعية الصحفيين العُمانية
dhabari88@hotmail.com